إنهم رجال نَذَروا أنفسهم لخدمة مجتمعهم، وبناء محافظاتهم، وإسعاد مواطنيهم!! قطعوا الفيافي والقِفار، والناس يرقدون في البيوت والديار، شذوا مآزرهم في هزيع الأسحار، والناس يغطّون في سُبات عميق! أراقوا أدِيم وجوههم ليسعد الخامل البليد!!
فما أعظم أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم!! لسان حالهم مع مواطنيهم كحال (المقنع الكندي) مع قومه إذ يقول:
يُعاتبني في الدِّين قومي وإنما
ديوني في أشياء تُكْسِهُم حمْدا
اسدّ به ما قد أخلوا وضيعوا
ثغور حقوق ما أطاقوا لها سَدّا!!
انهم عُمّار الديار، وبناة الأمصار، ومشيدو حضارات الأمم والأقطار، إنهم رجال المحافظات الذين يبنون محافظاتهم ليسعد بها غيرهم، ويتفيأ ظلالها عداهم، يسهرون الليالي، ويكدّون ويكدحون، ويكابدون الأخطار، ويواصلون الليل والنهار لأجل اكتمال مصالح محافظاتهم والناس من حولهم إما شامت أو ناقد، أو حاسد، أو حاقد!! ولا يعرف قدرهم إلا أولو الأحلام والنُهى!
اقلِوا عليهم لا أبا لأبيكمُ
من اللوم أو سُدّوا الفراغ الذي سدّوا!!
إن ما يطالبون به من مصالح هو مصلحة للجميع، للصغير والكبير والذكر والأنثى والغني والفقير!! لكن ربما قصُرتْ أفهام بعض الطغام تجاههم فراحوا يفتشون في كواليس إبليس لعلهم يجدون (ضميرا مستترا تقديره - فلان قصده كذا وكذا!!!!) فيا لله كيف تعمى بصائرهم عن (99) محملاً في الخير ولا تفتح أعينهم إلا على جرح كريه الرائحة!!
تعمى بصائرهم عن كل منحرفٍ
ويرصدون ذوي التقوى بمرصاد!!
ومثل هؤلاء تماماً المصلحون في الأسر تجدهم يناصحون هذا ويوجهون ذاك ويأخذون على يد هذا وليس لهم إلا الشماتة، ومحمل السوء، وعزاؤنا فيهم يقع في اعراضهم أنهم لما مرضت قلوبهم فظنوا ظن السوء كان ذلك دليل على طويتهم!!
إذا ساء فِعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده بالتوهّم!
إن الذين ينتقدون هؤلاء ويقعون في أعراضهم كمن يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين!! فاعتبروا أيها المواطنون!! هؤلاء أبسط حقوقهم التكريم والتشريف والتقدير والتشجيع، هذا فضلا عن تسليمهم جوائز وحوافز ودروع {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}.. فلعل من إصلاحها إعمارها وطرقها ومرافقها وأجهزتها الخدمية وغيرها، فتحية إكبار وإجلال لتلك الهامات السامقة!!
إن مقامهم في المحافظات ان يتقاصر الواحد أمامهم من أصحاب الهمم الهامدة والجثث الخامدة التي أهمتهم أنفسهم وممتلكاتهم فقط!! إن هؤلاء يجب أن يحتفي بهم ويكرموا (وتقبل رؤوسهم على رؤوس الأشهاد!!).
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، سيروا أيها الرجال {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ولا يخذلنكم المخلَّفين الذين قيدتهم هممهم الهابطة، وطموحاتهم الواطية.. إنني أناشد محافظي المحافظات ومجالس المناطق أن يكرم هؤلاء الرجال، وأن يحفظ حقوقهم، ويدوّن تاريخهم المشرق، ويحفظ حق أجيالهم من بعدهم!! فلا شُلت أيمانهم، ولا ثلمت شباثهم، فكم من صرح شيّدوه، ومشروع بنوه، أو معوّج قوموه!!
إنني أهيب بالجميع أن يستنهضوا الهمم، ويوقظوا العزائم والرمم!! ويباركوا عمل هؤلاء على أعواد المنابر، تشجيعاً لهم وشحذاً لهمم غيرهم..
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
- محافظة رياض الخبراء -Ali5001@hotmail.com