«طرح» ميشيل فوكو «نظرة متميّزة للخطاب حين ربطه بالسلطة، فهو عنده شيء بين الأشياء، وهو ككلّ الأشياء موضوع صراع من أجل الحصول على السلطة، فهو ليس فقط انعكاساً للصراعات السياسية، بل هو المسرح الذي يتم فيه استثمار الرغبة، فهو ذاته مدار الرغبة والسلطة».
من الواضح أن الخطاب يتحول إلى ساحة اصطراع بحثاً عن امتلاك السلطة على الآخر, الحلقة الأضعف الخطاب والحال هذه ومدارا لتحقيق الرغبة في السلطة والتسلط!
«تعد دراسة محمد عابد الجابري، للخطاب إحدى الدراسات العربية التي نقلت هذا المفهوم من دائرة الدراسات النقديّة والألسنية تحديدا إلى الدراسات الاجتماعية والايديولوجية».
الخطاب عند الجابري هو مقولة الكاتب أو أقاويله - بتعبير الفلاسفة العرب القدماء -، هو بناء من الأفكار إذا تعلّق الأمر بوجهة نظر يعبّر عنها تعبيراً استدلاليّاً يشد بعضه ،بعضا.
عملية إنتاج الخطاب عملية معقدة لو سعينا لتحليلها تبدأ من الخطاب الشفاهي ولا تنتهي عند الصورة والكلمة والمسرح والخطب. وما يصدر عن المنابر الإعلامية وغيرها وتتمظهر قوة السلطة الاجتماعية في استثمار عملية التواصل التي هي أحد أهم مراحل إنتاج الخطاب لتحقيق مقاصدها وإبقاء إيديولوجياتها راسخة ومتأثرة حتى تتطورمن حالة رأي عابر إلى حالة اتجاه راسخ. وهذا رهان السلطة الاجتماعية الذي تستند إليه في خطابها، فالرأي سريع التأثر والاستجابة لعمليات التغيير. بينما الاتجاه طويل المدى ويحتاج لسنوات طويلة حتى يتغير! وهذه هي المساحة التي تلعب بها وتسدد من خلالها المزيد من تسديد الأهداف في مرمى الإصلاح والتغيير.
ظلت المرأة غائبة عن عملية إنتاج الخطاب وهذا الغياب ليس استثنائيا فكل نساء الدنيا كان حضورهن يأتي لاحقاً لحضور الرجل أو تابعاً له!
لأن الثقافة الذكورية تتذرع بالسلطة بتنوعاتها السياسية والاجتماعية كي تقاوم مزاحمة النساء وحضورهن, المزعج لهدوء وسكينة المركز الذي يتمثله بينما تمثل المرأة الهامش المقلق الذي يجب أن يبقى غائباً.
حضور المرأة في عملية إنتاج الخطاب السعودي بدأ بمواصفات خاصة وانتهى إلى مواصفات أخرى لأنها منتجة ومستهلكة في آن واحد! مؤثرة ومتأثرة, كيف بدأ خطابها وإلى أين انتهى؟
وهذا حديثنا القادم.