كنت أتصفح مجلة الجمارك السعودية وشد انتباهي مجموعة من الصور التي تبين حيل المهربين للمواد الممنوعة وعلى رأسها حبوب الكباتجون، وقد أثارت تلك الحيل دهشتي من غرابتها التي تبدو أنها نتيجة خبرة في إخفاء تلك المواد فيما لا يخطر على البال، ولكن مشاعر الإعجاب بيقظة رجال الجمارك وقدرتهم على كشف تلك المخابئ سادت على ذلك، وهو ما يدل على دراية وتدريب وفراسة، فليس من المعقول تطبيق الإجراءت التي بها يتم اكتشاف المخفي على كل الناس وإلا ترتب على ذلك مضايقة واكتظاظ للناس على مداخل الحدود، لذا لا بد من الإشادة بجهود هؤلا الذين يقفون كخط دفاع أول لحراسة مجتمعنا من فساد عظيم يراد به استهداف المجتمع والبلاد وشبابه خاصة.
لم أستطع أن أخفي إعجابي بقدرات رجال الجمارك على ما يبذولونه من جهد في كشف تلك المؤامرات، فذكرت ذلك لمعالي مدير عام الجمارك الأستاذ صالح بن منيع الخليوي، وكنت أتوقع أن يستغل تلك الفرصة ليمجد مؤسسته وأفعالها ويسهب في ذكر المناقب والمحاسن، ولكن الرجل اكتفى بالقول «إنها مهمة عصيبة والإخوان في المنافذ يولون ذلك جهدا وحرصا ونرجو من الله التوفيق». بهذه الكلمات الوجيزة استشفيت البيئة التي تحكم العمل في الجمارك السعودية، فالعلاقة الحميمية بين قيادات الجمارك وموظفيها واضحة والثقة في قدراتهم واضحة والاعتماد على القدرات والعمل على تطويرها المستمر واضح، وأنا أتدبر كلام معالي مدير عام الجمارك، كنت أجادل نفسي، أن هؤلا المفتشين في الجمارك يعيشون على منافذ الحدود وهي في معظمها مناطق نائية، وربما أنهم يتقاضون بدلات لذلك، ولكن ونحن نعلم أن المهربين على درجه عالية من المكر والفجاجة وقلة الوازع، ولا شك أن من بين أدواتهم الإغراءات التي يحبلونها كمصايد لمفتشي الجمارك علهم يفسحون لهم ما يمكن أن يهرب، ومع ذلك نجد من هؤلاء الأبطال قدرات نافذة وإبداعات خارقة لحيل المهربين.
إن حراسة المجتمع مما يمكن أن يضره من مواد مهربة أو بضائع مغشوشة، هي مهمة شريفة ومهمة حرية بأن يقدرها المجتمع، لذا وعرفاناً بالجميل لهؤلاء الذين يقاسون مهمة عصيبة وظروفاً شديدة وندرة في الترفيه والاستمتاع بمظاهر المدنية لابد لنا أن نحتفل بهم في يوم من السنة ويعلن في ذلك اليوم تقديرهم وتقدير مهمتهم وتقدير إنجازاتهم، لذا أقترح أن يكون هناك يوم في السنة يسمى يوم رجال الجمارك، فهذا أقل ما يمكن أن يقدم لهم على سبيل الشكر.
