تعتبر الأسرة أول مكتشف لقدرات أبنائها «ذكوراً أو إناثاً» ولاسيَّما أنها المحتضن الأول لهم منذ خروجهم لهذه الحياة، وعندئذٍ يقع على عاتق الأسرة مسؤولية اكتشاف ورعاية وتنمية مواهب أبنائها.
ويُلاحظ الوالدان أحياناً أن ابنهما يميل إلى مصاحبة الذين يكبرونه في السن، بينما لا يلقى قبولاً من أقرانه من العمر نفسه أو من والديه أو من مجتمعه أيضاً، وهذا الابن يتسم بالحساسية الشديدة، وعندما يجادل فإنه يجادل بحذق ومهارة، ويتمتع بمهارات فائقة في الإقناع، حتى يفوز برأيه، وهو قادر على أن يقنع الطرف الآخر.
بالوجه النقيض للمسألة نفسها أيضاً. وحين يتحدث يستخدم مفردات صعبة وألفاظاً غير عادية، ويستغرب أحياناً الوالدان في أن يريا أحد أبنائهما الذي يتسم بموهبة أو تفوق ما عندما يخلد إلى سريره للنوم يأخذ لعبته معه متشبثاً بها ليشعر بالأمن وَالراحة.
وقد يكون السر وراء هذه الأنماط السلوكية الغريبة بالنسبة إلى الوالدين وجود موهبة وطاقات كامنة لدى ابنهم تنتظر الفرصة للظهور وَالانطلاق، ولكن الآباء والأمهات ولكن في معظم الأحوال يعيشون قلقاً وتحدياً كبيراً حيال ما يشعرون به عند القيام بواجبها التربوي هذا؛ وذلك راجع إمّا بسبب نقص عوامل الخبرة وقلة التدريب، أو عدم توافر معلومات وثقافة كافية حول مواهب الأبناء وطرق التعامل معها. كما يُبيّن الباحث (كورنيل عام 1983) في دراسته أن الأم هي أول من يكتشف أن طفلها موهوب، وإذا كان هناك خلاف بين الوالدين حول إمكانية أن يكون طفلهما موهوباً فإن الأب هو المتشكِّك في إطلاق هذه الصفة على الطفل.
تذكر لنا جيهان العمران أستاذ علم النفس التربوي المشارك بجامعة البحرين عبر مجلَّة المعرفة في عددها الواحد والستين أن دور الأسرة في الكشف عن الموهوب يتركّز في الخطوات التالية:
الخطوة الأولى:
التعاون مع المدرسة عن طريق عقد اللقاءات مع معلّم ابنهم لإعطائه المعلومات الكافية عن موهبة ابنهم، لأن المعلِّم لن يكون لديه الوقت الكافي لكشف الموهبة لدى جميع التلاميذ.
الخطوة الثانية:
عقد لقاءات مع فريق عمل البرنامج المدرسي من معلمي التربية الخاصة «المتخصصين في رعاية ذوي التفوق العقلي والموهبة», والاخصائي النفسي أو المرشد الطلاّبي كي يمده بالمعلومات اللازمة عن سلوك الطفل الموهوب، والتعرف على أساليب التعامل الصحيح معه, ومراعاة الخصائص النفسية والاجتماعية لابنهم الموهوب, ورعاية قدراته الخاصة عبر برامج فردية.
الخطوة الثالثة:
اللجوء إلى مصادر الدعم في المجتمع من جامعات ومؤسسات مجتمعية لتوفير المساعدات المادية والفنية لرعاية التلاميذ الموهوبين.»كمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهوبين وغيرها من مؤسسات ترعى مواهب الشباب والشابات من المواطنين».
ولكن يبدو أن الأسرة كما يؤكد خبراء في تربية الموهوبين لا تزال تجهل أهمية دورها في الكشف عن الطفل الموهوب، وأن عدد الأسر التي لديها موهوب دون علمها أكثر من عدد الأسر التي تعتقد أن لديها ابناً موهوباً وهو ليس بموهوب، كما يبين «كولانجلو وَداتمان» عام 1983م أن أهم مشكلة تواجهُها الأسرة في هذا المجال هي قلة المعلومات التي تمتلكها عن طبيعة الطفل وخصائصه وأساليب الكشف عنه.
يتضح لنا من الدراسات السابقة أن الوالدين يعتبران أبرز أهم المصادر للتعرف على الابن الموهوب، وأن توقعاتهما دقيقة، وخصوصاً الأم كونها الحاضن الرئيس لابنها منذ طفولته، وأن الحكم بأن الابن موهوب يكون منذ الأيام الأولى من ولادة الطفل.
كما تبين هذه الدراسات أن الوالدين يواجهان صعوبات متعددة فيما يتعلق بمسألة الكشف عن الطفل الموهوب، ومن أهم هذه الصعوبات عدم توافر المعلومات الكافية حول طبيعة الموهوب وخصائص الموهوبين, وأساليب الكشف عنهم، وكذلك في تحديد ما إذا كان طفلهما موهوباً أم لا.
وبهذا تتجلّى لنا أهمية وجود اخصائيين في التربية الخاصة متخصّصين في رعاية الموهوبين والمتفوقين في كل مدرسة تعليمية فهذا ليس حصراً على عدد معين في المدارس؛ لأن تواجد مثل هذه البرامج في كل مدرسة تعليمية «للبنين والبنات» تُسهم في مد الأهالي والأسر بمعلومات وإرشادات معنية بالمجال ذاته وتعزز التربية والرعاية لأبنائهم في المنزل وخارجه.
عضو الجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين وأصدقائهم -
Nkz1199@hotmail.com