التغيير سنة كونية، لذا تهتم المجتمعات بإعداد أفرادها لإحداث التغييرات المستقبلية، والتعامل مع التغيرات العالمية، حتى لا تكون مفاجئة لهم، مما ينتج عن ذلك سوء التعامل مع هذه التغيرات، أو عدم الاستفادة منها، وتوظيفها لصالحهم وصالح مجتمعهم.
ومن أبرز التغيرات التي تواجهها المجتمعات اليوم التغير من مجتمع المعلومات إلى مجتمع غزارة المعلومات، ومن مجتمع المعرفة إلى مجتمع ما وراء المعرفة، ومن التكنولوجيا إلى التكنولوجيا فائقة التقدم، ومن العولمة إلى ما بعد العولمة، ومن القنوات الأرضية إلى القنوات الفضائية، ومن الانغلاق إلى الانفتاح. كل هذه التغيرات وغيرها انعكست آثارها أو ستنعكس على المجتمعات، سواءً قبلت أو قاومت.
وتعد التربية والتعليم الأداة الرئيسة للقيادات السياسية والاجتماعية والتربوية في إعداد أفراد مجتمعاتها لإحداث التغييرات المأمولة، والتعامل مع التغيرات العالمية المستجدة.
وقد أشارت الدراسات إلى أن المعلم هو رائد التربية والتعليم وأساس الإعداد لذلك التغيير المجتمعي والعالمي. ومن أبرز الأدلة التي تؤكد دور المعلم في التغيير المجتمعي والتعامل مع التغير العالمي تجارب العديد من الدول المتقدمة، مثال: اليابان وكوريا الجنوبية والصين وماليزيا، إذ نجحت هذه الدول في توظيف المعلم لتغيير مجتمعاتها إلى أن وصلت إلى هذه المستويات العالمية المتقدمة.
لذا يرى المهتمون بإعداد أفراد المجتمع للاستفادة من سنة التغيير الكونية ضرورة إعادة النظر في واقع وأساليب إعداد وتكوين المعلمين، بحيث تعكس تلك التغيرات، وتلبي طموحات القيادات في تطوير المجتمع إلى مستويات الدول المتقدمة. ومن التربويين الذين رأوا ذلك جون ديوي John Dewey الذي أكد أن التعليم هو الطريق الأساسي لتطوير المجتمع، وأن المدرسة هي أداة المجتمع في صنع مستقبله الزاهر. وإذا كانت المدرسة هي أداة التغيير، فإنها بدون معلم معدٍ لهذا التغيير أشبه ما تكون بالآلة التي يعمل عليها عامل يجهل التعامل معها.
ويصاحب التغيير المجتمعي والعالمي تحديات كثيرة، ومواجهة هذه التحديات لن تتم إلا من خلال التربية والتعليم ورائدها المعلم، لذا فإن مؤسسات إعداد المعلم في بلادنا من جامعات وكليات أو أكاديميات مطالبة بالتعرف على المعارف والمهارات والقدرات والاتجاهات التي يحتاجها المعلم كي يكون مصدر إعداد للتغيير المجتمعي أو العالمي، ثم تضمينها في برامج إعداد المعلمين، وتطويرها بشكل مستمر. وتشمل برامج التطوير تطوير أعضاء هيئة التدريس، والبيئة التدريسية، والتقنيات التعليمية، والمرافق اللازمة والمساندة. وفي هذا المجال تطالب معايير المجلس الوطني لاعتماد برامج إعداد المعلم (NCATE) المؤسسات التربوية المتخصصة في إعداد المعلمين بأن تظهر تميزاً في بناء برامجها، من خلال تطوير الإعداد العلمي والمهني والتربوي للمعلم وفقاً للنظريات الحديثة.
وفي ظل استمرار التغيير المجتمعي والتغيرات العالمية فإن برامج إعداد المعلمين مهما بذل فيها من جهود تبقى غير كافية، في إعداد المعلمين إعداداً يوازي متطلبات التعامل مع التغيير والتغير، ومن هنا لابد من زيادة الاهتمام ببرامج التدريب المهني للمعلم أثناء الخدمة.
ومن هنا وانطلاقاً من التغيرات المجتمعية والعالمية، وبالنظر إلى واقع الطلاب -المعلمين في المؤسسات التربوية، وواقعهم في المدارس، فإن المفترض أن وظائف المعلم تزداد وتتطور وتتلاءم مع هذه التغيرات. ومن تلك الوظائف المفترضة: تحليل الظروف التي تؤثر في تعلم الطلاب، وتقديم الآراء تجاهها، وكذلك التعاون مع المعلمين وأولياء الأمور والمجتمع في معالجة مشكلاته، واتخاذ القرارات الفاعلة مع المسؤولين في المجتمع في القضايا المتعلقة بالطلاب، والمساهمة في تحقيق الأمن الوطني، فالطالب محور الأمن، ووسيلة تحقيقه بكافة أبعاده وأشكاله.
أخيراً: التغيير سنة كونية، والتغير أمرٌ لازم لذلك التغيير، والمعلم المؤهل علمياً ومهنياً وتربوياً، الذي يعمل في منظومة تربوية تقدم له برامج تدريبية متميزة تلاءم ذلك التغيير، هو وسيلتنا الأساسية والفاعلة لإحداث التغييرات الإيجابية والتعامل مع التغيرات العالمية.
gomaiziy@hotmail.com