من الأخطاء الجسيمة التي نرتكبها في كل مناسبة وتتكرر مع شديد الأسف أننا نقدم للآخرين ما نريده نحن، أو ما نراه دون ما يرغبه الآخرون ويتطلعون إلى معرفته واستقصائه والإحاطة به، وتزداد المشكلة - وبخاصة في المعارض الدولية التي تشارك فيها (المملكة العربية السعودية) من خلال مؤسساتها المختلفة - حينما يكون عملنا مكررا، أو شبه مطابق لما تم عرضه في مناسبات سابقة، معترفين من حيث لا نشعر بالتقليد وعدم التجديد والابتكار، أو أن نعرض إنجازاتنا وصورة حضارتنا على الآخرين، وهي من إنتاجهم، ومن بنات أفكارهم، ومخرجات تقنيتهم ودراساتهم وأبحاثهم، وتلك كارثة ثالثة لا تقل عن سوابقها. والعالم أجمع، والزائرون للمعارض الدولية يستلفت انتباههم ويستوقفهم ما يعبر عن هوية البلد المشارك، ويشدهم أكثر ما يعد من خصوصياته التي يتميز بها، أو لا يشاركه فيها أحد، أو تكون منطلقة منه حين تأخذ بعدا عالميا. هذه التوطئة جزء من أحاديث عابرة في بعض المنتديات التي كتب لبعض المتحدثين فيها المشاركة والاطلاع والزيارة للمعرض الدولية، واستقراء آراء الآخرين بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة.
- الهيئة العامة للسياحة والآثار، وعبر معرض (روائع آثار المملكة العربية السعودية) المنعقد في (برشلونة) غيّرت، أو حاولت تغيير الصورة النمطية عن معارضنا، ورسمت أهدافا أكثر وضوحا وعمقا من خلال تصريح أمينها الأمير(سلطان بن سلمان)، إذ حاول أن يرسم هذا المعرض عبر آثاره المختلفة الحراك التاريخي، والديني، والحضاري، والتراثي المتميز لبلد (الحرمين الشريفين)، واستطاعت تلك القطع والمقتنيات الأثرية أن تقدم المملكة بوصفها محورا رئيسا في المجلات الثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب من قرون عديدة، وأعطى ما تم عرضه صورة واضحة عن الحضارات العريقة المختلفة التي تعاقبت على أرض الجزيرة العربية، وهو ما أهّلها أن تكون رائدة في كثير من المجلات، فضلا عن ترسخ أقدمية الحضارة والتاريخ وإثبات أن هذا البلد الكبير الواسع ليس طارئاً على تاريخ البشرية، بل هو متنوع الحضارات، ضارب الجذور، ومنطلقا في الوقت نفسه للكثير من المبادرات الإنسانية والحضارية التي أسهمت في الاستقرار العالمي ماضيا وحاضرا، وأسهمت في وضع حجر الأساس لكثير من مؤسساته المدنية والحضارية.
- سيظل المواطن السعودي مزهوا ومفتخرا، حين نعمد عبر الوسائل المختلفة لهذه المعارض إلى توضيح مكانة الدين، وأنه هو الأساس في حياة السعوديين، والباعث الحقيقي للتطور والازدهار والتنمية، أو حينما يجسد المعروض التنوع الثقافي، والتباين في الموروث الشعبي بين سكان مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية، وقدرتهم رغم هذا التباين على المحافظة على القيم والمعتقدات والمنطلقات الوطنية.
- ستظل المعارض متى استطعنا توظيفها، وأحسنا اقتناص ما يعرض هي الكفيلة بتغيير صورة الإنسان السعودي البدوي، صاحب الجمل، وحارس آبار البترول إلى الإنسان العصري الذي لم يتنكّر على تاريخه وماضيه، وأصبح فيما بعد طالب العلم والمعرفة، ورائد الفضاء، ومكتشف المجاهل.