|
الجزيرة - الرياض:
يرى الكثيرون أن المسار الصاعد الحالي لمؤشر الأسهم قد بدأ في 23 نوفمبر الماضي عندما كان المؤشر في مستوى 6295 نقطة، أي منذ ما يقرب ثلاثة أسابيع تقريباً.. وقد سار المؤشر ببطء في الأسبوع الأول، ثم ازدادت حدة صعوده خلال الأسبوع الثاني، ثم بدأ يبطئ مرة ثانية من حدة صعوده خلال الأسبوع الثالث.. ويسهل تقييم الصعود خلال الفترة الماضية في ضوء المحفزات الإيجابية للسوق.. البعض يعتقد أن المسار الصاعد الحالي قد بدأ خلال الأسبوعين الأخيرين، ولكن المدقق في حركة السوق ككل يلحظ أن هذا المسار الصاعد بدأ منذ حوالي ثلاثة أشهر بقيادة قطاع البتروكيماويات الذي ربح 15.3%، إلا إن المؤشر لم يربح سوى 2.1% خلال الفترة، نتيجة عدم استجابة معظم القطاعات السوقية للحافز الأساسي بهذه الفترة، ألا وهو ارتفاع أسعار النفط.. أكثر من هذا، فإن المسار الصاعد لم يتزامن مع ارتفاع في السيولة المتداولة، بل جاء بسيولة متدنية ولم تتزايد نسبياً سوى خلال الأسبوعين الأخيرين.. لذلك، فمن المعتقد أن دورة الصعود الأخيرة حدثت بشكل غير تقليدي ولم تكن ملموسة أو واضحة للكثيرين.. فضلاً عن ذلك، فإن الفترة المقبلة يكتنفها الغموض أكثر من غموض الفترة الماضية، حتى أنه يصعب الإجابة على العديد من التساؤلات.. التي من أهمها: هل سيستمر المسار الصاعد؟ وإلى متى؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصل المؤشر الرئيس للسوق؟ بل ما هو أهم: ألا تسير المستجدات في البيئة الاقتصادية المحيطة محلياً وعالمياً في طريق تعزيز وزيادة قيمة المؤشر العام للسوق بشكل أكبر من مستواه الحالي.. فلماذا تتضاءل استجابته حتى الآن؟
أسعار النفط واستجابة القطاعات السوقية
10 قطاعات من إجمالي 15 قطاعاً خرجت خاسرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهي الفترة التي ارتفعت فيها أسعار النفط وربح فيها مؤشر السوق حوالي 2.1%.. فباستثناء قطاعات البتروكيماويات والتأمين والأسمنت والاتصالات والزراعة، حققت كافة القطاعات الأخرى خسائر بنسب متفاوتة، جاء على رأسها قطاع التطوير العقاري بنسبة 9.1%، وقطاع المصارف بنسبة خسائر 4.2%.. وعليه، فإن هذه القطاعات الخاسرة لم تستجب لارتفاع أسعار النفط حتى الآن.. أما على مدى أسبوعين، فقد ربح المؤشر حوالي 1.2%، مما أدى إلى تغيير جوهري في أداء السوق، حيث أحرز (13) قطاعاً من إجمالي (15) قطاعاً أرباحاً بنسب متفاوتة.. ومن أهم القطاعات الرابحة، قطاع التشييد والبناء الذي ربح 8.2%، يليه قطاع الأسمنت الذي ربح 5%، وأيضاً ربح قطاع المصارف 1.3%.. أي أن قطاع البتروكيماويات كان الرابح الرئيس في دورة الصعود التي بدأت منذ ثلاثة أشهر، إلا إن هذه الدورة بدأت تأخذ منحنى آخر خلال الأسبوعين الأخيرين، وتبدلت الأدوار لتأخذ قطاعات التشييد والبناء والأسمنت والمصارف محل القيادة للمؤشر.
قطاع الأسمنت وتوقعات السماح بالتصدير
قطاع الأسمنت من القطاعات التي لم تستجب لارتفاعات أسعار النفط، على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة، ولكنها بدأت تسير في مسار صاعد منذ الأسبوع الماضي استجابة لمحفز حصول شركات الأسمنت على حصة سوقية جديدة من مونديال قطر في ضوء توقع سماح الجهات المعنية لها بالتصدير.
قطاع البتروكيماويات واستمرار ارتفاع أسعار النفط.
في بداية عام 2010 كانت غالبية التوقعات حول أسعار النفط تحاول التمسك بمستوى فوق 70 دولاراً للبرميل.. الآن سعر النفط يلامس 90 دولاراً.. أما الأهم فيتمثل في أن كافة التوقعات الدولية تتراوح ما بين 78 إلى 100 دولار.. أي يكاد يجزم الجميع أن سعر برميل النفط لن يتراجع عن 80 دولاراً في عام 2011م.. هذه التوقعات تعتبر المحفز الأكبر.. وفي اعتقادي مهما يحدث فلن يضير السوق شيئاً كبيراً أو هاماً.. وفي المتوسط، فإن أسعار النفط قد ارتفعت بنسبة ما بين 5-8% خلال الربع الرابع عنها في الربع الثالث، وهذه النسبة يفترض أن ترتفع بها أرباح شركات البتروكيماويات.. أما عن أداء هذا القطاع بحركة التداول، فمن الملاحظ أن البتروكيماويات قد ربحت حوالي 15.3% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهي الفترة التي سايرت الارتفاعات في أسعار النفط.. وعليه، فإنه ينبغي معرفة أن قطاع البتروكيماويات يكاد يكون قد استنفد قدراً كبيراً من الاستجابة المفترضة لارتفاع أسعار النفط.
جني الأرباح والاستعداد لجولة صعود
بداية الهبوط الطفيف للمؤشر يوم الأربعاء الماضي هو بمثابة إشارة تطمين للمتداولين بأن لا ينزعجوا من الهبوط.. فتدني معدلات الهبوط، ثم السيولة المتداولة الصغيرة، تؤكد على أن هذا الجني هو في الحدود الطبيعية التي تعيد حيوية المؤشر وتؤهله لاستعادة الصعود ولكن هذه المرة لمستويات تفوق الـ6500 نقطة.. أما الشيء الذي وضحه جني أرباح الأربعاء فهو أن قطاع المصارف الذي يمارس دور الضاغط على مؤشر السوق في أي جني أرباح حتى لو لم يربح سوى نسب ضئيلة. أما الشيء الذي اتضح خلال الأسبوعين الأخيرين، فهو وجود تحركات حثيثة في قطاع التشييد والبناء بجانب قطاع الأسمنت، وهو ما يدلل على بوادر تحركات في نشاط العقارات والمقاولات بالسوق المحلي.
تباطؤ السيولة الثقيلة
حتى الآن لم يستطع أي تحليل أو تقرير أن يقدم مبررات منطقية تفسر أسباب ضعف أو استمرار تدني مستويات السيولة المتداولة في السوق، ففي السوق الآن تتعدد أشكال المستثمرين ما بين سعوديين وشركات وصناديق، وخليجيين وعرب مقيمين وعرب أجانب واتفاقيات مبادلة، ورغم معرفتنا وجود صناديق حكومية بالسوق، ورغم كل هذه الأطراف الاستثمارية، إلا إن متوسط السيولة اليومية المتداولة خلال الأسبوع الأخير لم يزد عن 3.3 مليار ريال، رغم وجود حالة انتعاش بالسوق، ورغم تأكد المتداولين بأن السوق يمر بدورة صعود.. ورغم تأكد الجميع من أن المسار الصاعد يمتلك محفزات قوية لكي يستمر بقية الشهر الحالي وربما خلال فترة ما قبل صدور نتائج أعمال الشركات للربع الرابع من هذا العام، والتي تستمر طيلة الأسبوعين الأول والثاني من شهر يناير المقبل.. رغم كل هذه المبررات الإيجابية، فإن السيولة المتداولة لا تزال متدنية، ولا تزال دون المستوى الذي يطمئن المستثمرين خارج السوق لضخ سيولة جديدة، وهذه هي نقطة الضعف غير المفهومة بالسوق.. أين ذهبت السيولة الثقيلة التي كانت سرعان ما تدخل للسوق حال وجود انتعاش أو عند بدء أي مسار صاعد؟ فهل الصناديق الحكومية بدأت تنتهج فلسفة جديدة في مشاركتها في حركة التداول؟
د. حسن أمين الشقطي - محلل اقتصادي