الرياض - خاص بـ «الجزيرة»
أهاب فضيلة رئيس محكمة الاستئناف عضو المحكمة العليا الشيخ عبد العزيز ابن صالح الحميد بأفراد المجتمع الموسرين بتفقد حاجات إخوانهم ومساعدتهم، وخصوصاً من الأرحام والأقارب، محذراً من الآثار الخطيرة التي قد تترتب على المجتمع ككل في حال انتشار ظاهرتي الفقر، والحاجة مع ما قد يصاحبها من ضعف الوازع الديني لدى بعض الأفراد.
وأكد فضيلته في حديث له - عن التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم - أن الدين الإسلامي حث على التكافل الاجتماعي، ورغب فيه من خلال تشريعاته المحكمة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: إن المتأمل في أسس البناء الاجتماعي في الإسلام يلحظ أن الإسلام اهتم واعتنى عناية فائقة في هذا البناء خصوصاً فيما يتعلق بالتكافل الاجتماعي، الذي يُعد مسؤولية مشتركة بين الدولة وبين أفراد المجتمع.
وأبان فضيلته أن أهمية التكافل الاجتماعي تظهر في عدد من الأمور: أولاً قوة البناء الاجتماعي، وثانياً: نشر المحبة بين أفراد المجتمع، وثالثاً: حفظ الأمن ومحاربة الجريمة، ورابعاً: التطلع إلى رضاء الله سبحانه وتعالى وابتغاء ما عنده من أجر عظيم.
وقال الحميد: إن قوة البناء الاجتماعي عندما يهتم المجتمع وجميع مؤسساته بأهمية التكافل الاجتماعي من رعاية الأسر ومحاربة الفقر وإيجاد مؤسسات اجتماعية سواءً كانت حكومية أو خيرية أو غير ذلك من جهود الأفراد تعتني بهذا الجانب فإن ذلك من الدعائم القوية في البناء الاجتماعي وإذا توفر البناء الاجتماعي فإن ذلك يكون سبباً في نشر المحبة والإخاء بين أفراد المجتمع وتظهر هذه المحبة جلية في التعاون على الخير والبعد عن أسباب الشر.. ولذلك تتأكد هذه الحقيقة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) ولا يكون نشر السلام إلا إذا كان كل فرد يحمل من الخير لأخيه ما يدعوه إلى السلام عليه والتلطف به.. إن من يتقاعس عن مساعدة إخوانه المحتاجين وبخاصة الأقرباء والجيران، فإنه بذلك ينشر الكراهية ويجعل الصدور مليئة بالحقد فليس من الأخوة ولا من المحبة في شيء إذا أعطاك الله مالاً ولك أقارب ولا تقف مع المحتاج منهم، إذا لم يكن من الصدقة التي رغب الله إليها بقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}.. فمن باب الزكاة الواجبة عليك ودفع الزكاة للقريب المحتاج فيها أجران أجر الصدقة وأجر صلة الرحم.
وعن حفظ الأمن ومحاربة الجريمة قال عضو المحكمة العليا: من الثابت في الدراسات المتخصصة إن من أسباب الجريمة وجود الأفراد الذين يعيشون في أسر فقيرة لا تستطيع أن تلبي حاجاتهم الضرورية وإذا ضعف الوازع الديني وإذا رأى الفقير الأغنياء وهم معرضون عن مساعداتهم وإذا اقترن ذلك بعدم وجود العمل والبطالة فإن ذلك يساعد على الجريمة.. ولهذا فإن من آكد أسباب محاربة الجريمة في المجتمع تحقيق التكافل الاجتماعي وأن يعي الغني دوره في المجتمع فيخرج زكاته كما أمره الله بدون بخس ولا مكس ولا نقصان.. الزكاة لو تم إخراجها كما أراد الله لقضينا على الفقر ولساعدنا في محاربة الجريمة لذلك أؤكد على من أعطاه الله مالاً أن يبادر إلى إخراج زكاته مساهمة صادقة منه في تخفيف أعباء الحياة على إخوانه المحتاجين، وأبرأ الذمة أمام الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
وبشأن التطلع إلى رضاء الله سبحانه وتعالى قال الشيخ ابن حميد: ومن أراد أن يفوز برضوان الله وابتغاء ما عنده.. وأن يبارك الله في ماله وصحته وولده فإن الإنفاق على المحتاجين ومواساة المعوزين وجبر انكسار المنكسرين وإغاثة الملهوفين يحقق ذلك كله مع الفوز بجنة عرضها السموات الأرض أعدت للمتقين قال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما هلك مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة).. وفي الحديث صنائع المعروف تقي مصارع السوء.. ولقد رغب الله سبحانه وتعالى في الإنفاق ووعد بالخلف: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقوله: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقوله: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله ولو بشق تمرة).
وختم رئيس محكمة الاستئناف عضو المحكمة العليا حديثه عن أهمية التكافل الاجتماعي بتذكير المسلمين وهم يعيشون هذه الأيام فصل الشتاء بتفقد المحتاجين ومساعدتهم سواء مساعدات عينية أو مادية، وأن نحرص جميعاً على ذلك خصوصاًة أصحاب الظروف الخاصة والمرضى والأرامل والأيتام.. وإذا كان هناك جهود مشكورة لبعض التجار في المملكة فإن التنسيق في ما بينهم أمر مطلوب خصوصاً في المساعدات العينية من أغذية وبطاطين وألبسة ونحوها.