سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة سلَّمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
طالعت ما نُشر في جريدة الجزيرة بعددها رقم (13948) ليوم الاثنين 30-12-1431هـ، على لسان سمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم حول العديد من القضايا، وذلك خلال اللقاء المفتوح الذي تحدث فيه سموه في مقر هيئة الصحفيين ومن بينها: نية الوزارة تقليص عدد إدارات التربية والتعليم في المناطق والمحافظات من (74) إدارة تعليمية إلى (13) إدارة اتساقاً مع نظام المناطق الإدارية الثلاث عشرة.
والذي لا نشك فيه مطلقاً أن المسؤولين في وزارة التربية والتعليم هدفهم من ذلك هو زيادة حجم التنسيق بين الإدارات التعليمية، ومنح جهاز الوزارة مساحة أوسع لعمليات التخطيط وتطوير مستوى العملية التعليمية والتربوية في بلادنا الغالية، ولكن سلامة القصد لا تعني أن الرأي موفق، فقد يأتيك الداء من باب الدواء أحياناً.
أعتقد أن هذه الرؤية جميلة من حيث البناء، ولكنها مليئة بالإشكالات من حيث المضمون، فالهيكلة ووضوح الارتباطات التنظيمية عامل مهم في تحقيق سلامة الإجراءات؛ لكن هذا ما يفتقده التوجه الخاص بربط إدارات المحافظات بإدارات المناطق، فالارتباط التنظيمي بين الإدارات لا يعني سوى مزيد من المركزية، هذا إذا سلّمنا بمسألة بقاء إدارات المحافظات محتفظة بمستواها الإداري الحالي؛ ناهيك عن أن التوجه الجديد الذي يتبنى تحويلها إلى مجرد (مكاتب تربية وتعليم)، وهذا عين الخطأ؛ لأن تجربة الوزارة تؤكد أهمية زيادة عدد الإدارات التعليمية في المملكة خصوصاً بعد عملية دمج إدارات التعليم للبنين والبنات في إدارة واحدة، بل إن المدن الكبيرة تحتاج إلى أكثر من إدارة للتعليم (وليست مكاتب إشراف)، حتى يتمكن هذا الجهاز البالغ الأهمية من تقديم خدماته الإدارية والتربوية للمواطنين على نحو جيد.
إن المؤمل من المسؤولين في جهاز وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم الأمير النابه ذو الخبرة وصاحب الفكر المستنير؛ هو الاستفادة من تجارب الأجهزة الحكومية الأخرى كوزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الزراعة ووزارة الصحة وغيرها، فتعمل وزارة التربية على إحداث مديريات عامة للتربية والتعليم بالمناطق الإدارية الثلاث عشرة يكون مسماها: (المديرية العامة للتربية والتعليم)، وترتبط بهذه المديريات جميع الإدارات التعليمية في المنطقة ومحافظاتها، شريطة أن تفوّض هذه المديريات بصلاحيات واسعة تؤهلها للقيام بواجباتها الإدارية والرقابية على أكمل وجه، هنا فقط تصبح عملية الربط ذات جدوى، ويكون تفرغ الوزارة لعمليات التخطيط والتطوير له ما يُبرره.
أحمد بن صالح الخنيني - الزلفي