لا أعلم ما هي الدوافع وراء التعامل مع المراهقين لدينا بمنتهى الحذر والشك عند بوابات المراكز التجارية.. ولا يتم السماح لهم بالدخول إلا بوجود امرأة ترافقهم.. أياً كانت تلك المرأة حتى لو كانت خادمة آسيوية تشفع لهم بالدخول.. وهم في أمان الله!.. فهذا الإقصاء الذي نلمسه كأمهات يزعجنا كثيراً لعدم العدالة والمساواة في التعامل مع المراهقين من الجنسين، والتحامل على الذكور دون الإناث اللاتي يحضرن غالباً كمجموعات ملفتة للنظر دون رفقة أمهاتهن، وبالرغم من ذلك يتم السماح لهن بالدخول بسهولة! لأن السائد لدينا للأسف الشديد بأن التسوق للنساء فقط دون الرجال، وهذا المفهوم الخاطئ لا بد من معالجته، لأن المراكز التجارية لدينا أصبحت المتنفس الوحيد للمراهقين لاحتوائها على مطاعم مختلفة، ومراكز ترفيهية مناسبة لأعمارهم، وتُعتبر جهات موثوقاً بها لدى كثير من الأسر بدلاً من تجولهم بالطرقات العامة، أو التجمع بالملاحق الخارجية للمنازل بدون رقابة مباشرة، أو يكونون عرضة للاستغلال عند تجمعهم كجماعات مرفوضة عند تلك البوابات المدججة بالحراس الذين لا يجدون وسيلة للتفاهم مع إصرارهم للدخول إلا باستدعاء رجال الدوريات.. أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. مما يضطرهم للجري بعيداً خوفاً من اعتقالهم كمجرمين أو محدثي شغب!! حيث تنطلق قاعدة التعامل معهم على أنهم رجال متوحشون سيهجمون على فتياتنا في الأماكن العامة، وساهمنا للأسف الشديد من خلال هذا التعامل في تعزيز المفهوم الجنسي لديهم تجاه المرأة المخلوق الضعيف المطلوب حمايته في كل زمان ومكان!.. هذه الصورة اليومية والمزعجة للجميع تحتاج لتدخل صادق من الرجال التربويين في مجلس الشورى.. وذلك لمناقشتها بما يدعم الروح المعنوية والاجتماعية لفئة المراهقين الذين لا يجدون البدائل المناسبة لاحتياجاتهم للهو المحبب لأنفسهم، ولا يجدون التعامل السليم لمنحهم الثقة في سلوكياتهم، بل التشكك والترقب والحذر يحيط بهم من كل جهة!.. فالأسر تشن حملات الإقصاء عليهم لمجرد دخولهم سن البلوغ.. وعزلهم بدون تهيئة نفسية لذلك، والشارع العام يعتبرهم مصدراً للفوضى والإزعاج، ونحن في الوقت ذاته صادقنا على الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل ووقَّعنا عليها تأييداً لبنودها التي بلا شك ملتزمون بها شكلاً.. أما مضموناً فواقعنا الذي نشاهده أسبوعياً عند بوابات المراكز التجارية، وسنشاهده مع قدوم الإجازة الصيفية لأكبر دليل على أن توفير الجو الآمن والمناسب لخصائص نموهم مفقود لدينا كمجتمع لم يقر بينه وبين نفسه بأن الاتفاقيات الدولية أقرت سن الطفولة حتى سن «18» عاماً!.. ولتخوفنا من وجودهم بيننا بشكل طبيعي عززنا بداخلهم المشاعر العدوانية لإحساسهم بالرفض الاجتماعي، حتى في الأندية الرياضية ذات المستوى الراقي بالرغم من قلتها، وعدم تواجدها بطريقة عادلة في الأحياء لا تقبل من هم دون سن الـ 18!!.. إذن هل نحتاج لاتفاقيات دولية أخرى حتى تتدخل في السلوك المحلي لدينا تجاه المراهقين وتطالب بتعديله.. وذلك بهدف احتوائهم ودمجهم بين فئات المجتمع قبل تحويلهم لقنابل موقوتة بمرور الوقت؟!