الجزيرة - عبدالعزيز العنقري
قال خبير الطاقة وكبير محللي منتدى الطاقة الدولي الدكتور نعمت أبو الصوف: إن الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط لم تأت بسبب أساسيات أسواق النفط الحالية, وإنما أتت نتيجة لضعف سعر صرف الدولار وانتعاش أسواق الأسهم، والتوقعات بانتعاش اقتصادي قوي، إضافة إلى احتمال تجدد المشكلات الجيوسياسية، مبيناً أن هذه العوامل قصيرة الأجل سرعان ما تزول أو يألفها السوق. جاء ذلك في معرض تعليقه للجزيرة على تجاوز أسعار البترول الأخيرة لمستويات 90 دولارا.
وأوضح الخبير أن أساسيات أسواق النفط الحالية المتمثلة بالعرض والطلب، والطاقات الإنتاجية الاحتياطية والمخزون العالمي من النفط مطمئنة، حيث إن مستوى الإمدادات النفطية خصوصا من خارج أوبك ما زال قويا، والطلب العالمي على النفط ما زال ضعيفا في دول منظمة التعاون والتنمية، إضافة إلى أن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية ارتفعت إلى نحو سبعة ملايين برميل يوميا، كما ارتفع المخزون النفطي العالمي إلى مستويات قياسية. مضيفا أن الأسواق العالمية للنفط تأثرت في الوقت نفسه بعوامل أخرى ليس لها علاقة بالأساسيات، مثل المضاربين، وسعر صرف العملات خصوصا الدولار الأمريكي في مقابل العملات الأخرى، إضافة إلى التوقعات المستقبلية عن حالة الاقتصاد والأسواق.
و حول أسباب قرار أوبك في اجتماعها الأخير بإبقاء الإنتاج كما هو وانعكاس ذلك على الأسعار قال أبو الصوف : إن قرارات أوبك تكون مبنية دائماً على دراسة وافية لواقع وأساسيات أسواق النفط وخصوصا الطلب، العرض والمخزون وحالة الاقتصاد العالمي. حيث تحرص المنظمة دائماً على وجود إمدادات كافية في الأسواق وبأسعار مناسبة للمنتجين والمستوردين والمستثمرون في الصناعة على حد سواء.
أما أسعار النفط فيتم تحديدها في الأسواق العالمية، وكما أسلفت فهناك عوامل كثيرة تلعب دوراً في ارتفاعها أو انخفاضها، وتفسير السوق لقرارات أوبك هو أحد هذه العوامل.
وعن الآثار المحتملة على مستقبل الطلب العالمي على النفط بعد إقرار العديد من الدول الأوربية لخطط التقشف أوضح أبو الصوف أن معظم الدراسات تبين أن الطلب على النفط في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خصوصا دول أوربا وصل إلى ذروته منذ العام 2005. فهذه الدول بدأت منذ زمن تطبيق سياسات خاصة لتقليل الاعتماد على النفط والبحث عن بدائل خصوصا في قطاع النقل والمواصلات. لذلك ليس من المتوقع أن يكون لإقرار خطط التقشف في بعض دول أوروبا أي تأثير كبير على مستقبل الطلب العالمي على النفط، خصوصا أن مركز النمو على الطلب قد تحول منذ فترة إلى اسيا وبالتحديد الصين والهند ودول الشرق الأوسط خصوصا النفطية منها.وحول واقعية ومنطقية التوقعات لمستويات أسعار البترول المستقبلية التي تصدر من عدة جهات بيَّن الخبير النفطي أبو الصوف أنه من الصعوبة الجزم بأن توقعات الأسعار المستقبلية هي واقعية أو منطقية، لكن بالطبع هناك توقعات أكثر واقعية من غيرها وهذا يعتمد بدرجة كبيرة على واقعية ومنطقية الفرضيات التي بنيت عليها التوقعات والجهة التي قامت بها ودوافعها. وفي النهاية تبقى مجرد توقعات!.
وهذا لا يعني أن تتوقف الجهات المختلفة عن القيام بإجراء دراسات وتوقعات عن الأسعار لان ذلك ضروري جدا للتخطيط لبناء مشروعات جديدة، وإعداد الموازنات المالية ليس للدول المصدرة للنفط فقط بل وحتى المستوردة منها.