يعتقد الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن «السياحة المحلية متى ما استكمل احتضانها من الدولة ستكون أكبر قطاع موفر للوظائف»، وإنها تحتضن في الوقت الحالي ما يقرب من 1.1 مليون موظف.
وأكّد في حلقة من برنامج «واجه الصحافة» مع الزميل داود الشريان، التي بثتها قناة «العربية» على «أن قطاع السياحة سيكون من أول ثلاثة قطاعات دعمًا للتوظيف وفرص العمل».
وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه أكَّد في لقائه مع رئيس وأعضاء مجلس الغرف السعودية وعدد من رجال الأعمال في أكتوبر الماضي أن عدد العاطلين عن العمل في المملكة يُقدر بنصف مليون شاب وفتاة، وبحسبة بسيطة يمكن لقطاع السياحة، إذا ما وجد الدعم الحكومي التام، أن يقضي على مُعضلة البطالة بعيدًا عن خطط السعودة والإحلال العقيمة التي فشلت وزارة العمل في تنفيذها خلال عقد مضى؛ فالقطاع الذي يحتضن 1.1 موظف قادر على خلق ما نسبته 25 في المئة من الوظائف الحالية، أي ما يقرب من 275 ألف وظيفة، وهو ما يعادل 50 في المئة من عدد العاطلين حاليًا.
تحدثت عن التفكير الإبداعي في معالجة البطالة، بعيدًا عن الخطط التقليدية، وعن المشروعات الاقتصادية المصممة لاستيعاب القدر الأكبر من العاطلين؛ اليوم نجد بين أيدينا قطاعًا متكاملاً يمكن أن يسهم بمعالجة أزمة العاطلين عن العمل؛ ورئيس يراهن على أن قطاع السياحة سيكون من أول ثلاثة قطاعات دعمًا للتوظيف وفرص العمل؛ أفلا يستحق هذا القطاع من الحكومة الدعم الكامل الذي يمكنه من تحقيق أهدافه الإستراتيجية، وهدف القضاء على مُعضلة البطالة التي يبدو أن حلها بات مُستعصيًا على وزارة العمل، والمؤسسات الحكومية الأخرى.
لم تستطع برامج التوظيف الحكومية، بأنواعها، تحقيق أهدافها الإستراتيجية، وستبقى كما هي عليه طالما أن التفكير التقليدي مسيطرًا عليها؛ صندوق الموارد البشرية بات يُنظر إليه على أنه صندوق للجباية، وتبذير الأموال، لا التأهيل والتوظيف، وما يدفعه من أموال ضخمة لتدريب وتوظيف السعوديين لا يحقق المنفعة الكلية، والدليل أن عدد العاطلين في ازدياد، في الوقت الذي تستقطع فيه المؤسسات والشركات مساهمة الصندوق في رواتب السعوديين والسعوديات لمصلحتهم الخاصة، وفق عقد إذعان غير معلن، يلتزم به الموظفون مقابل الحصول على الوظائف البسيطة.
خلال تسعة أشهر من العام الحالي دفع الصندوق ما يقرب من 810 ملايين ريال للمنشآت التي أبرمت اتفاقيات دعم ضمن برنامج «هدف» الموجه لدعم تدريب وتوظيف السعوديين، ماذا لو تم توجيه هذا المبلغ الضخم لهيئة السياحة التي تعاني من شح الموارد المالية وفق اتفاقية تقضي بخلق عدد محدد من الوظائف للسعوديين من الجنسين! أو أن يتم إعادة استثمار المبلغ نفسه في مشروعات سياحية تحقق ثلاثة أهداف رئيسة: التنمية السياحية، خلق الوظائف، توفير مورد تمويل ذاتي للصندوق.
دعم القطاع السياحي بات هدفًا إستراتيجيًا يفترض أن تُزال عن طريقه جميع العقبات التي تحد من انطلاقته المباركة؛ السياحة ليست ترفًا أو مضيعة للوقت، بل هي أحد أهم الموارد الاقتصادية، والمورد الرئيس لدول أوروبية وشرق أوسطية؛ أهمية القطاع السياحي دفعت بالحكومة المصرية للتخفيف من انعكاسات خبر مهاجمة أسماك القرش لسائحتين في منطقة شرم الشيخ، على مستقبل السياحة، المورد الرئيس للاقتصاد في المنطقة. خبر عارض تعاملت معه الحكومة المصرية باحترافية عالية حماية لقطاعها السياحي المعني بتوظيف المصريين، ودعم الاقتصاد.
توقفت كثيرًا عند قول الأمير سلطان بن سلمان أن «إدارة السياحة في المملكة عملية معقدة ومتفرعة» وهي بالفعل كذلك، ولعل تفرعاتها غير المنظورة للعامة هي ما تعيق حركتها، وتؤثر سلبًا في برامجها، وخططها المستقبلية؛ تصحيح الثقافة السياحية والمفاهيم الخاطئة قد تُساعد في التخفيف من القيود الحالية، إلا أن إزالة العقبات المؤثرة لن تتم إلا وفق أنظمة وقوانين صريحة تكفل لقطاع السياحة النمو والازدهار.
توفير الدعم الحكومي الأمثل للاستثمار السياحي، إنشاء شركات سياحية متخصصة، تهيئة المناطق السياحية، وتوفير مراكز الإيواء ووسائل السياحة الحديثة بأسعار مقبولة، توفير الرحلات الاقتصادية، تهيئة المطارات، دعم برامج المجموعات السياحية، والتنسيق الأمثل بين الإدارات الحكومية والهيئة العامة للسياحة بما يكفل إزالة جميع العقبات سيساعد كثيرًا في تحقيق أهداف السياحة وتحويلها إلى مورد رئيس من موارد الاقتصاد الوطني، وأول القطاعات الاقتصادية خلقًا للوظائف.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM