توجيه - خادم الحرمين الشريفين - لوزارة المالية، باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة بنسبة «15 % «، منسوبة إلى راتب الدرجة التي يشغلها الموظف، ابتداء من 1 محرم 1432هـ. هو توجيه إنساني رفيع. فقد أدرك - يحفظه الله -، عدم انتفاء أسباب صرف هذا البدل لموظفي القطاع - الحكومي والمتقاعدين - لا سيما وأن التقارير الرسمية، التي أظهرت ارتفاع معدل التضخم، في الربع الثالث من العام الجاري إلى «6 % «، مقارنة بالربع الثاني منه.

- لا يشك - منصف، أن الطبقة الوسطى وما دونها، عانت خلال السنوات الماضية، من كماشة غلاء الأسعار، الذي كشر عن أنيابه، وأرخى سدوله القاتمة، وبصورة متسارعة ومخيفة على كل شيء في حياتنا، حتى خيم الإحباط على معظم شرائح المجتمع.

وحتى لا تكون هناك مشكلة، تتدحرج ككرة الثلج حين تبدأ صغيرة. فإن هذا القرار من شأنه، أن يحقق استقراراً شاملاً، يضمن للمواطن العيش بكرامة. إذ إن الغلاء المتزايد يؤدي إلى انخفاض قيمة النقود، - وبالتالي - تشيع الفوضى داخل الاقتصاد، بتفشي الفساد بأشكاله المختلفة، عن طريق التكسب غير المشروع، كالرشوة - مثلاً -، وغيرها من المعاملات الفاسدة.

لست مع من أبدى قلقه من جدوى رفع الرواتب، والاستمرار في صرف بدل الغلاء، بحجة أن تلك الخطوة قد تدفع إلى المزيد من جنون الأسعار، وأنها ليست الحل السحري لمشكلة التضخم، فهي زيادة تعقبها زيادات، إلى غير ذلك من آراء علماء التخصص، في علم - الاقتصاد والمال -، من الذين مارسوا قدراتهم التحليلية على المواطن البسيط. فتلك الزيادة، والاستمرار في صرف بدل المعيشة، مع اتخاذ إجراءات أخرى، كمراقبة الأسعار، ومعرفة أسباب ارتفاعها، وإيجاد الحلول المناسبة لخفضها، ومكافحة الاحتكار، وتوعية المستهلكين لتغيير أنماط استهلاكهم الغذائي، وهذا لا يكون إلا بتفعيل دور حماية المستهلك، كفيلة - بإذن الله -؛ لمنع تسرب هذا البدل من جيب المواطن إلى جيب التاجر. فنحن لسنا استثناء من العالم، حتى يتم تخويفنا من الزيادة.

هدية - خادم الحرمين الشريفين - للمواطن السعودي مع بداية هذا العام، تمثل امتداداً لبدايات جادة وصادقة؛ لتفعيل دور الدولة - بمؤسساتها وسياساتها -، والتخفيف من آثار العوامل، التي أدت إلى إيجاد بدل غلاء المعيشة؛ من أجل مواجهة الفقر، وارتفاع الأسعار، وشبح الغلاء، إذا طبقت مجتمعة، وبالشكل المطلوب.