عِداتي لهم فضل علي ومنّة
فلا أبْعَدَ الرحمن عني الأعاديا
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها
وهم نافسوني، فاكتسبت المعاليا!
طالعتنا جريدة (الجرأة) في الصفحة الأولى يوم الجمعة 4-1-1432هـ بخبر الإنجاز الأمني الماهر وهو (القبض على البنقالي الذي يقوم بسحب أرصدة الجوالات!!) عبر أجهزة تكنولوجية يحملها، وبادئ ذي بدء نشكر رجال أمننا البواسل على خطواتهم الجريئة ويقظتهم.
ومهما يقال عن رجال الأمن في بلادنا فإن لدينا من الإمكانيات والقدرات والحوافز ما ليس لغيرنا!!
كيف ذلك؟ أنا أخبرك (ولا ينبئك مثل خبير) لدى رجال أمننا بحمد الله حافز (الحميّة، وحافز الرجولة والشهامة، وحافز الغيرة على الحُرمات، وحافز تطبيق النظام، وحافز الظفر بالمكافأة، وحافز الغيرة على بلاد الحرمين ومهبط الوحي، وحافز.. وحافز..) لسان حال بعضهم:
مرحباً بالموت إذا الموت نَزَل
للموتُ عِندنا أحلى من العسل!!
عوداً على صلب موضوعنا فالمجرم ينبغي (ولعل هذا لا يعزب عن أجهزة أمننا) أقول مثل هذا المجرم لماذا لا نستفيد من (خبراته الإجرامية، وقدراته الأمنية، ومعلوماته التكنولوجية)؟!
لماذا لا نستفيد منه في كشف أوكار الفساد؟! وهتْكِ أستار الإجرام؟!
لماذا لا نستفيد منه في كشف طرق ووسائل المجرمين؟! نستفيد منه في كشف الحِيل، والألاعيب، والمكر، والخداع؟! ولا يمنع أن نُغْريه بحوافز مادية ومعنوية، من هذه الحوافز تخفيف عقوبته!!
لماذا لا نصنع منه عميلاً ضد أمثاله وأضرابه لأن حيلهم وألاعيبهم ربما لا نكتشفها إلا بعد أن يعيثوا في الأرض الفساد!! فهم قد وفروا لك الطرق والألاعيب والخدع لكي تعمل أجهزتنا الأمنية على مكافحتها ووأدها، وكبح جماحها!! وهذا هو مصداق قول الباري جل شأنه (وكذلك نفصل الآيات، ولتستبين سبيل المجرمين!!) إن الجريمة على اختلاف أنواعها قد كشّرت عن أنيابها، وضَرَبتْ بجرانها، وأخذت تُطل علينا من كل حدب وصوب!! فهي سوداء كالحة اللون، مُرّة المذاق، بشعة المنطق، ثقيلة على اللسان!! لكن كما قالت العرب! (المال السايب يعلِّم السّرقة).. فلا بد أن نأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم!! لا بد أن نوصد الأبواب في وجوههم، لا بد أن نكشفهم من فوق رؤوسهم ومن تحت أقدامهم، لا بد أن نعرّيهم، ونخرجهم من جحورهم أذلّة صاغرين!! هكذا يجب أن تستغل كل جهة حكومية أكابرَ مجرميها سواء في أجهزة الأمن والجمارك والبلديات والتعديات وغيرها!! (فلا ينخر بالنخلة إلا سوستها)، (ولا يهزع الشجرة إلا غصنها) والله يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ}!! ثم لا بد أن يشعر المواطن والمقيم أنه إذا لم يتعاون مع الأمن والجهات ذات العلاقة (أياً كانت) فإنه هو الخسران لأن أبناءه هم الضحايا، وممتلكاته هي الضحايا، وحقوقه في بنية الدولة التحتية هي الضحية فهو الضحية على أي وضع كان، هو الوقود، هو الرماد لأنه إذا لم يبلغ عن المجرم في أي منحى كان في المخدرات أو التعديات أو غيرها.. فهو مشارك ساذج باع دينه ووطنه لا بدنياه، وإنما بدنيا غيره! وهذا نهاية الحُمْق!!.. حتى الذين يروجون لهروب الخادمات والعمال، أو يسكتون عنهم فهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المجرمين!! {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} أيها القراء الفضلاء!! إن كل مواطن، أو مقيم على رقعة بلادنا فهو رجل أمن، أو حريّ به أن يكون رجل أمن، رجل فعّال، رجل كامل الدسم، رجل على ثغور بلادنا وإن لم يكن كذلك فهذا هو عشمنا فيه..
وللأوطان في دم كل حيٍّ
يدٌ سَلفت ودينٌ مستحق!!
قال العلماء: قدم الله طلب الرزق على العبادة، لأن العبادة لا تتحقق إلا بجو آمن..
كما في قوله {فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} وهذا دليل على أهمية الأمن في حياة المجتمع.. بل الأمن يغْبن فيه كثير من الناس، ولا يعرف مقدار ثمنه إلا من سلبه!! فمن أعظم النعم الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان. يجب على كل موظف ومواطن ومقيم ألا ينخدع بخزعبلات بعض السذج الذين يقتلون الهمم، ويحطّمون العزائم ، بحججهم المتهافتة وهي قولهم (لماذا لا يحاسب فلان وعلان)؟! وهذا من حيث الأصل (إن وجد) فهو حق لا مرية فيه، لكن هل عدم محاسبة رجل واحد استطاع اختراق نظام كذا وكذا مثل عدم محاسبة ألف رجل!!؟ أقول دعنا نحاسب ونوقف زحف الفساد إذا وجد بمقدار (90%) ثم هب أنه يقي منه (10%) لم يصلح فالقاعدة (أن ما لا يدرك كلّه لا يُترك جله).
ولله در القائل: بلد لا نحميه لا نستحق العيش فيه!!
وليست حمايته من العدو الداخلي بأقل أهمية من العدو الخارجي!! وفي كلٍّ شر!!
عدوّك إما معلن أو مكامِنٌ
وكل بأن يُخْشى ويُتقى قمِنٌ
فكن حَذِراً مِمّن يخاتل شره
فليس الذي يأتيك جهراً كَمَنْ كَمَنْ!!
إن الساكت على الحق شيطان أخرس، والذي لا يساهم في فضح المجرمين، وهتك أستارهم، وكشف عوارهم فهو كسلم الذي يصعدون عليه، فيهوي هو في هاوية لأرض السحيقة على كتفيه يبلغ المجد غيره فما هو إلا للتسلق سُلّمُ!!
والسلام عليكم.
ali5001@hotmail.com