ما أحوجنا اليوم إلى التواصي بما يوثق عرى الإخاء ويشد أواصر المحبة في المجتمع فما نراه من صور التدابر والتباغض والتحاسد والتشاحن بين الإخوان والجيران والأرحام يدمي القلب، كيف لا؟ وهذه الصور هي خلاف ما يحثنا ويوصينا به ديننا الحنيف من أن نكون إخوانا متحابين متلاحمين كما الجسد الواحد، لذا فإن التذكير بأسباب زيادة المحبة وصرف أسباب الشحناء أمر في غاية الأهمية ومنه موضوع الدعوات الشخصية والتعامل معها إجابة أو رفضاً أو اعتذاراً الذي طرحه الأخ سلمان بن محمد العمري في عموده المنشور تحت عنوان: (مخالفات في الدعوة) الصادر يوم الجمعة 20-12-1431هـ.
فالدعوة أياً ما كانت مناسبتها منبعها رغبة الداعي في التواصل والإكرام وحفظ العهد مع الأحباب لذلك كانت إجابتها واجبة وهي كرد السلام، تحمل التقدير ومبادلة الإكرام بالإكرام، ومقابلة الود بالود وهو أمر -برأيي- يجب تذكره حتى تكون ردة الفعل للدعوة دائماً بطريقة مناسبة وكلمة حسنة سواء كانت بالحضور أو بالاعتذار. فمجرد دعوة شخص لك يعني تقديرك فاعزم على تقديره بإجابة مناسبة تلبي دعوته وتشاركه فرحته محتسباً الأجر متذكراً واجب الإخاء ووصية المصطفى صلى الله عليه وسلم, أو أن تبلغه سرورك بدعوته رغم اعتذارك له عن الحضور لظروفك الخاصة أو غير ذلك على أن يكون إطار التعامل كرماً بكرم ووداً بود.
ولعل مما يساعد على هذا ترك التكلف من الجميع فالجود وحسن الضيافة يتحقق دون تكلف مقيت قد يحول مقصد الدعوة إلى المباهاة والتفاخر، كذلك إجابة الدعوة والتهيؤ لها إذا ما كان ببساطة وترك للتكلف كانت تلبية الدعوة محببة لم تكن ثقيلة على النفس تنفر منها وتتهرب منها.
ثم إن اختيار موضوعات جيدة للمناقشة والكلام والسمر مما يجلب البشر والسرور ويحقق الفوائد ويهم الجميع في الاجتماعات والمناسبات الاجتماعية يزيد الأنس بالدعوات ويستحث المدعويين على إجابتها فلكم كانت المجالس الفارغة والسماعات الباطلة وموائد النميمة مما يضيق الصدور ويصد عن إجابة كثير من الدعوات.
د. فوز عبداللطيف كرديأستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة - جامعة الملك عبدالعزيز بجدة