كنت أظن -وبعض الظن ليس بإثم- أن (البيانيين) الذين يُنصِّبون أنفسهم أوصياء على المجتمع السعودي، والذين (غثونا) ببياناتهم الحزبية والحسبية فيما قبل صدور الأمر السامي الكريم، الذي حصر الفتوى في هيئة كبار العلماء، وأوقف بيانات وعرائض الاحتساب العبطية، أن هؤلاء
الفزيعة بذريعة الاحتساب، قد امتثلوا وتوقفوا، إلى أن قرأت بعضاً من الغثاء المعتاد لموقع (لجينيات الإلكتروني)، فهالني نشره لبيان معنون هكذا: (مجموعة من الدعاة والمحامين والأكاديميين ورجال الأعمال)، فإذا هو الأسلوب القديم نفسه، بيان يستنكر ويشجب ويشطب التوصيات الصادرة عن منتدى (السيدة خديجة رضي الله عنها) في جدة، ويتهم القائمين عليه بمحاولة تغريب المرأة السعودية، وإخراجها من عفتها، ويصف المنظمين لهذا المنتدى بأنهم (متورطون في مخطط إجرامي خبيث)..! ويتهم من حضر أو كتب وأيد من وسائل إعلامية وكتّاب صحف، بالضلوع في هذا المخطط، لتحقيق غايات خبيثة بوسائل إعلامية وأقلام صحافية مأجورة، ومنتديات ومؤتمرات مشبوهة)!.
* البيانيون الموقعون، تأتي أسماؤهم مسبوقة بلقب شيخ، ومعرفة بأنه موظف (سابق) في كذا.. إلا ما ندر منها. كلهم مشايخ (ما شاء الله).. سبعون شيخاً، ما عدا العضو الحادي والسبعين فإنه (مهندس)..! فأين المحامين والأكاديميين ورجال الأعمال الذي ذكرهم البيان..؟.
* أظهر البيان -الذي يؤسس لمخالفة صريحة للأمر السامي الكريم- أن مدار اعتراض المعترضين فيه، إنما هو المرأة في هذه البلاد.. عمل المرأة؛ ظهور المرأة؛ مشاركة المرأة في الحياة وفي التنمية؛ كشف وجه المرأة؛ قيادة المرأة؛ الاختلاط.. أصبحت المرأة السعودية قضية القضايا في مجتمعنا بسبب أحادية الرأي، وتغليب صاحب الصوت الأعلى؛ وبسبب النظرة الضيقة عند مدعي العلم الشرعي.. الذين يتشبثون بالقضايا الخلافية فيهولونها، ويجعلون منها قضايا أساسية، ويعزفون على وتر الثوابت والمسلمات. فالتشدد الديني يمارس انطلاقاً من هذه المواقف المتطرفة والشاذة، انتهازية خبيثة ومحبطة، فهو يمارس النبذ والإقصاء، ويستعدي على من سواه، ويصادر الحقوق الخاصة، ويعرقل مسيرة التطوير، ويضع الحجارة في طريق التنمية والتغيير والتطوير بشكل دائم ومستمر.
* لماذا تداعى هذا الجمع الكبير في هذا الوقت بالذات، ضد منتدى يطالب بفرص وظيفية وعلمية وعملية واقتصادية واجتماعية أفضل للمرأة في المملكة؟.
* كان ينبغي أن نفهم ابتداءً، أن الذين يقدمون أنفسهم أوصياء على المجتمع كله -وليس المرأة السعودية وحدها- هم في الأصل، ضد عمل المرأة بالكلية، ضد خروج المرأة من بيتها. تولد المرأة بين جدران أربعة، فلا تغادر مكانها إلا إلى قبرها..! هذا هو الذي يريدون، وإلا ماذا ينقمون على سعوديات، أقصى ما يطمحن فيه، هو المساهمة في بناء الوطن، وخدمة مجتمعهن، وتوظيف كفاءاتهن فيما هو مفيد ونافع، ولو طالبن برفع وصاية هؤلاء المحتسبين (بالقوة) على حياتهن ومستقبلهن، فهذا حق لا ينازعهن فيه منازع.
* أين كان هؤلاء الواحد والسبعون محتسباً؛ عشية وصبيحة إعلان وزارة الداخلية عن القبض على (149) إرهابياً، الموزعين على تسع عشرة خلية إرهابية، كانت تدبر وتخطط لزعزعة أمن البلاد، والتفجير في مؤسساتها، وقتل مسؤولين وإعلاميين فيها؟.
* لماذا توصف توصيات منتدى السيدة خديجة بأنها مخطط إجرامي لتحقيق غايات خبيثة، ولها أهداف خطيرة، وأن هذا المنتدى فتنة، يهدد الدين والفضيلة، بينما يُسكت عن مخططات الإرهابيين، وكأنها ليست مخططات خطيرة، ولا تهدد الدين والوطن والمواطن والناس أجمعين..؟!.
* أم أنهم كانوا مشغولين بالتدبر والتبصر، وقراءة فتوى (بصم) عليها الشيخ البراك صبيحة يوم الكشف عن الخلايا الإرهابية، فجاء توقيتها مفاجئاً وخادماً للمخطط الإرهابي، خاصة وهو يدعو إلى الجهاد ضد غير المسلمين بالمطلق، ونقض المواثيق الدولية، ويعيد إلى الأذهان، قواعد الشرعية التي تبني عليها القاعدة عملياتها الإرهابية في المملكة وفي خارج المملكة..؟.
* قد يقول قائل: هؤلاء البيانيون، لم يأتوا بأكثر مما صدر عن الشيخ عبدالله المطلق، وهو عضو هيئة كبار العلماء، فقد شتم أعضاء منتدى السيدة خديجة على الهواء مباشرة، وسخر منهم ومنهن، وقال: بأنهم لا يمثلون المجتمع السعودي..! ولم يقل الشيخ بعد ذلك: من يمثل هذا المجتمع.. أو بالأحرى، من يسعى لتولي الوصاية عليه قسراً..؟ هو ومن وقع البيان الحسبي المذكور، أم من يا ترى..؟!.
* وأقول متسائلاً إلى حين: من المستفيد من ترسيخ الجهل والتخلف والبطالة في أوساط المجتمع السعودي بالذات..؟!.