انتشرت في مدينة الرياض بشكل خاص، وفي بعض مدن المملكة عموماً، ظاهرة اغتصاب حقوق الغير في الأولوية عند الانتظار في التقاطعات وإشارات المرور بتعمد بعض السائقين من المواطنين والوافدين في تشكيل صف إضافي مخالف لنظام السير على حساب حق المنتظرين أمام الإشارات في الصفوف النظامية، مما يجعل حركة السير عند التقاطعات شبيهة بانطلاقة لعبة السيارات الكهربائية التي يمارسها الأطفال.
وأصبحت هذه الظاهرة، مع الأسف، إحدى العلامات الفارقة للسير في شوارع العاصمة التي تمارس على مرأى من الجميع أمام الدوريات المتواجدة عند تقاطع الطرقات رغم قلتها، وأمام مركز التحكم والمراقبة المركزي عبر الكاميرات دون أن يحرك أحد ساكناً للحد منها. هذا السلوك الخاطئ الذي يمارس على حساب الملتزمين بالنظام، ومثلها تصرفات أخرى مثل فوضى الانعطاف من أقصى المسار الأيمن إلى الأيسر عند التقاطعات أو الدوران للخلف، وما قد يسببه من حوادث واستفزاز للآخرين، أصبحت شائعة ومألوفة بسبب ضعف الرقابة الحازمة والتساهل في فرض النظام من قبل رجال المرور، وزادت في الآونة الأخيرة بسبب الاعتماد على نظام ساهر والذي يبدو أنه لا يرصد مثل تلك المخالفات!.
فهل النظام فعلاً لا يرصد تلك المخالفات المسيئة التي تتيح للمستهترين انتهاك حقوق السير بهذه الطريقة المستفزة؟.
إذا كان الوضع كذلك، فلابد من تعديل النظام وإلا يكون قد أفرغ من مضمونه، وفقد مصداقيته إذا اقتصر على رصد مخالفات السرعة فقط. فالمرور نظام حضاري متكامل لا يقبل التجزئة. والكثير من الدول تجعله من النظام العام، أي على درجة متساوية مع القانون الجنائي، وترتب عقوبات صارمة على من يخالف أحكامه كسحب الرخصة، أو وضع سجل جنائي بحق من يكرر القيادة بطريقة خطرة، أو الترحيل إذا كان المخالف أجنبياً.
وإذا كان النظام الآلي يعاني من فراغ، فلا بد من عودة رجال المرور إلى الميدان لتنظيم حركة السير، وردع من يتعدون على حقوق الغير ويخدشون المظهر العام بتصرفاتهم الاستفزازية، وهذه وظيفتهم التي يتقاضون الأجر مقابلها. فنظام المرور يعد من أهم المؤشرات العامة لمدى احترام المجتمع للنظام، وقدرة السلطة على فرض القانون.