إن الحديث عن العلامة الشيخ محمد العبودي ليس حديثاً عابراً وإنما هو من الشخصيات العامة التي أفنت عمرها في البحث والتأليف والترحال لأكثر من خمسين عاماً، والحديث عنه أمد الله في عمره ونفعنا بعلمه طويل ولا يمكن أن نعطيه حقه في هذه المقالة بل يستحق البحث والاستفادة من تاريخه العلمي والشخصي في مؤلفاته الكثيرة، وأن تقف جامعاتنا ومراكز البحث عليها، ولعل ما أسعدنا هو تكريمه من قبل أحد المنابر الثقافية ألا وهو النادي الأدبي بالرياض وبحضور نخبة من كبار المسؤولين والمفكرين وعلى رأسهم أستاذنا الأديب د. عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، وكثير من الجوائز والتكريم حظي بها شيخنا العلامة العبودي وفي مقدمتها وسام الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) من الدرجة الممتازة. والشيخ أمد الله في عمره تحدث عنه الأستاذ محمد المجذوب في كتابه (علماء ومفكرون عرفتهم) (الطبقة الرابعة) حيث لازمه أكثر من عشرين عاماً في المدينة المنورة ووجد فيه الرجل العالم الأديب حيث بدأ التأليف في سن مبكرة، ويصف لنا الأستاذ المجذوب في كتابه أن رحلة الشيخ العلامة من مدينة بريدة إلى المدينة المنورة فتحت له أبواب البحث والاطلاع في جميع العلوم (وقفزة عالية وضعته في صميم العالم الإسلامي كله).

كما أن رحلاته الخارجية لم تثنه عن التأليف بل هي جزء لا يتجزأ من بحثه وتأليفه، كما أن مجلسه مجلس عامر بالعلم والبحث والاطلاع ودائماً يبحث ويسأل عن أي معلومة تتعلق ببحثه أو في مؤلفاته ويقوم بتدوينها وهذا ليس من قلة الوثائق والمخطوطات والكتب القديمة التي تملأ مكتبته العامرة والتي هي مرجع لكل باحث ودارس بل صدرت كثيراً من أمهات الكتب والمؤلفات منذ أكثر من ثلاثة عقود لمؤلفين آخرين معتمدة على تلك الوثائق والمخطوطات، وهذا كتابه (معجم أسر بريدة) في 23 مجلدا أخذ منه الوقت والجهد الكثير والبحث والتدقيق في كل معلومة يدونها ونجد في شخصيته رياحة العالم ونطق الأديب ببلاغته وحوار الفقيه في غزارة علمه وهو رجل ينصت كثيراً ويسمع من الآخرين ويحترم أراءهم وفكرهم ويرد عليهم رد العالم لتلاميذه بكل حب وتقدير واحترام، وهذا مجلس العلماء الذي يجبرك الصمت عند الجلوس معهم بلا كلل ولا ملل.. حفظك الله يا شيخنا وأدام الله مجلسك وعمرك بالعلم بالبحث.

مساعد مدير الشؤون المالية بحرس الحدود بالرياض