يمتلك بعض المتحدثين قدرة على التأثير الإيجابي، وتحويل المصطلحات المثبطة إلى أخرى محفزة. في الأسبوع الماضي كنت أستمع إلى مداخلة لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في إحدى النشرات الإخبارية عبر فضائية عربية، كان يتحدث من موقعه كرئيس لمجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين والرئيس التنفيذي لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وفي ثنايا حديثه صحح مصطلح المعوقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، مستخدماً مصطلحاً جديداً هو: ذوو القدرات الخاصة، ولم يكن سموه هنا يستبدل مصطلحاً بآخر لمجرد التجديد أو التغيير، بل كان دافعه لإطلاق المصطلح هو تلك القاعدة العريضة من أبنائه الذين قهروا الإعاقة مصطلحاً وواقعاً، وتغلبوا على صعوباتها أولاً ثم انطلقوا نحو التميّز والإبداع ثانياً، لذلك فهم من وجهة نظره ذوو قدرات خاصة مكنتهم من الثقة بقدراتهم، ومن ثم دفعتهم لتحقيق ما عجز عنه شخص سليم، تذكّرت عندها على سبيل المثال لا الحصر، منتخبنا السعودي لكرة القدم وقد حقق إنجازاً غير مسبوق بحصوله على كأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة، ذلك منتخب يمتلك قدرات خاصة بالفعل أهلته لتحقيق ذلك الإنجاز، ولن تتسع السطور لسرد بقية الشواهد والأمثلة، وكم أتمنى من صاحب السمو أن يصدر توجيهاً بتغيير مسمى جمعية الأطفال المعوقين إلى جمعية الأطفال ذوي القدرات الخاصة، فالفارق بين المصطلحين وما ينطوي عليهما كبير.
قبل عدة أشهر استمعت كذلك إلى حديث لجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان حفظه الله، ركَّز فيه على استبدال مصطلح العاطلين عن العمل إلى مصطلح الباحثين عن عمل، ومرة أخرى يمكننا أن نضع المصطلحين في الميزان ونقارن أيهما يميل إلى كفة الإيجابية والتحفيز مقارنة بغيره من المصطلحات في الكفة الأخرى كالعاطلين عن العمل أو كمصطلح البطالة الذي نهرب منه لكننا نواجهه يوماً بعد آخر بكل ما يحمله من قتامة تنعكس حتماً على نفسية الشاب الباحث عن عمل لم يجده بعد، لا يمكننا الجزم بأن تغيير المسميات وتحوير المصطلحات وصياغة العبارات المحفزة هي في مجملها رزمة من العصي السحرية للتغيير، فالعمل والتطبيق وتفعيل المصطلحات يأتي أولاً وهو الأهم بالتأكيد، لكننا نبحث هنا فقط عن نقطة البداية عبر مصطلح يقود إلى النجاح والإبداع، بدلاً من آخر يبعث على الفشل والإحباط.
محاضر بجامعة جازان -