قبل أيام تلقى الوسط التشكيلي خبرا كان له وقع خاص وتأثير كبير تمثل في تصريح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة بصدور الموافقة السامية الكريمة على مشاركة المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الثقافة والإعلام في بينالي البندقية العالمي للفنون ابتداء من الدورة الرابعة والخمسين التي ستقام خلال العام المقبل 2011م، منوهاً أن هذه الموافقة السامية تأتي ضمن الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لنشر وإبراز الثقافة والفنون السعودية في المحافل والتي أتت بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار وبدعم رئيسي من شركة أرامكو السعودية لهذه المناسبة الفنية ذات البعد الدولي.
لجنة مختصة للمشاركة السعودية
تبع تلك الموافقة السامية على المشاركة في البينالي قرار من معالي وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز خوجة بتشكيل لجنة إشرافية من عدد من الجهات ومشاركة عدد من المختصين برئاسة الدكتور عبدالعزيز السبيّل الذي اختير ليكون المفوض العام لجناح المملكة بعضوية كل من الأستاذ منصور الفايز ممثلا لوزارة الثقافة والإعلام، والسيدة سارة الفاعور ممثلة للهيئة العليا للاستثمار والسيد فؤاد الزرمان ممثلا لشركة أرامكو السعودية والسيد ياسر الغسلان ممثلا للشركة السعودية للأبحاث والتسويق والأستاذ عادل المنديل. فيما تم اختيار كل من منى خزندار ورابن ستارت ليكونا قيمي المعرض حيث سيتوليان ترشيح الفنانين واختيار المشاركين منهم الذين سيمثلون المملكة في معرض الفنون الدولية.
وتأتي مشاركة المملكة للمرة الأولى في هذا المعرض خطوة هامة كون البينالي يعد الأبرز في الفنون على المستوى الدولي والذي يضم أكثر من سبعين دولة.
وستتواصل مشاركة المملكة في الدورات المقبلة للبينالي كما أشار الدكتور عبد العزيز السبيل المفوض العام لجناح المملكة، مضيفا: إن الأعمال التي ستقدم في هذا البينالي تتوازى مع ما هو معمول والذي يشترط أن تكون بمستوى ما يتم عرضه في هذا المحفل الدولي الذي يقوم فيه خلاصة ما وصلت إليه الفنون الحديثة من تطور وقد تم ترشيح مجموعة من التشكيليين من المملكة خصوصا المهتمين وأصحاب التجارب في مجال الفنون المفاهيمية والفراغية والميديا وقاموا بزيارة الموقع المعد لمشاركة المملكة لإتاحة الفرصة لهم ليكون لديهم تصور واضح ومسبق ليتم بعد ذلك اختيار العمل من قبل اللجنة والقيمين على المشاركة ليمثل المملكة في هذا البينالي مؤكدا أن الفنان السعودي يمتلك كل مقومات النجاح والمنافسة.
أهمية بينالي البندقية
يعود تاريخ بينالي البندقية إلى عام 1895، عندما نظمت أول معرض دولي للفنون. وفي عام 1993 أضيفت فنون أخرى للبينالي شملت الموسيقى والسينما، والمسرح كما اشتمل البينالي عام 1980 م أقساما لفنون العمارة، وفي عام 1999 قدمت لأول مرة في بينالي البندقية عروض للرقص.
وكان هناك مشاركات عربية تمثلت في دخول دولة الإمارات في الدورة السابقة والبحرين والمملكة العربية السعودية في هذه الدورة ويعتبر بينالي البندقية من أشهر وأهم المؤسسات الدولية التي تتعامل مع المؤسسات الرسمية وليس مع الأفراد، الجدير بالذكر إن هناك مساهمة سعودية أقيمت على هامش الدورة السابقة قام بها مجموعة حافة الصحراء أو «إيدج أوف أرابيا» يقوم المعرض على أعمال ثمانية من الفنانين شادية ورجاء عالم، والطبيب أحمد ماطر وعبد الناصر الغارم وفيصل سمرا ومها ملوح والفنان أيمن يسري والمصورة منال الضويان. بإشراف وإعداد من ستيفن ستابلتون وأحمد ماطر وعبد الناصر الغارم. اختيرت له أعمال مفاهيمية جديدة تتناسب مع طبيعة بينالي البندقية والتي قال عنها السيد روبن ستارت ممثل مؤسسة «جدوى» إحدى المؤسسات الراعية للمعرض وصاحب بارك غاليري: إن الأعمال المعروضة لهذه النخبة من الفنانين المعاصرين تتجاوز حدود الفن التقليدي وأصبحت تطرح سبل الجذب للمشاهد ولفت انتباهه من خلال المعاني التي تتضمنها الأعمال وتثير الخيال.
جهود خاصة وافتقار لكلية فنون
من هنا حق الوطن أن يفخر بإنجاز جديد يضاف إلى الإنجازات الكبيرة التي يحققها أبناؤه في مختلف المجالات العلمية والرياضية والثقافية ومنها ما وصل إليه الفن التشكيلي من حضور عالمي قد لا يعلمه أو يعرفه إلا القلة من المهتمين وقد لا يحتفي به أو يسعد بحدوثه إلا الأسرة التشكيلية التي تنتشر في أرجاء وطننا الحبيب أجيال تلو أجيال أصبح للفن التشكيلي منها روادا وأصحاب تجارب متميزة نافست العالم ولفتت إليهم الأنظار ولم يكن للفن التشكيلي السعودي أن يصل إلى هذه المساحة والموقع الهام في عالم الفنون العالمية إلا بجهود مشتركة يقف على قمتها التشكيليون أنفسهم، فالفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية نبت في أرض شبه جافة وقاسية من جانب المتلقي الذي يشكله المجتمع ومن جانب الافتقار للتعليم المتخصص الذي يفتقده المبدعون الذين أخذوا على عواتقهم تطوير إبداعهم والقرب من كل ما هو جديد عبر الاطلاع والسفر وزيارة المعارض والتعرف على تجارب الآخرين، ومع هذا ومع عدم وجود أي مقارنة بينهم وبين الآخرين في مختلف دول العالم ممن خصصت لهم أكاديميات فنون جميلة تلقوا فيها أسس العمل الفني وما يتعلق به من ثقافة في تاريخ الفنون وخلافها إلا أن الفنان السعودي وبما منحه الله من ذكاء وقدرة على تذليل المعوقات وتسهيل سبل النجاح أصبح منافسا قويا على المستوى العالمي.
الدعم الرسمي ودوره الإيجابي
هذا الإصرار الكبير من التشكيليين يعود لوجود الموهبة والقدرات واستشراف المستقبل والطموح الذي وجد الدعم والاهتمام من قبل الجهات الرسمية في الدولة ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب بما قامت به من إعداد وتنظيم معارض نقلت الفن التشكيلي من حدود الأندية ومراسمها أو المعارض المدرسية التي كانت السائدة قبل السبعينات الميلادية وغياب مفهوم المعرض التشكيلي إلى مرحلة أكثر تطورا ومطابقة لما يحدث في العلم عامة وفي دول الجوار التي سبقتنا في هذا المجال أخذ الفن التشكيلي في تلك المرحلة الكثير من الفرص عبر إقامة المعارض والمسابقات المحلية وإشراك الفنانين في المعارض الخارجية على المستوى العربي وصولا إلى مناسبات أبعد قليلا وصولا إلى بينالي دولية حقق فيه التشكيليون السعوديون نصيبا من الجوائز تبع ذلك الدور الجديد من قبل وزارة الثقافة والإعلام التي تولت ثقافة الوطن بكل روافدها فكان للفن التشكيلي نصيبه من الاهتمام عبر وكالة الشئون الثقافية والثقافة الدولية حيث ساهم كل منهم بدور كبير في هذا الجانب تحقق له من الوزارة الوصول إلى أبعد مسافة من الحضور حيث تقاسمت الوكالتان أدوارا ناجحة منها تأسيس جمعية للتشكيليين مع ما يقدم من خلال وكالة الشئون الثقافية من مسابقات ودعم للمعارض الفردية والجماعية مع ما تكمل به وكالة الشئون الثقافية الدولية من مشاركة الفن السعودي في المناسبات الثقافية خارج المملكة.