الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فقد أقر مجلس الوزراء الموقر برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظه الله- يوم الاثنين الموافق 14-1-1432هـ الميزانية العامة للدولة للعام 1432-1433هـ في مدينة الرياض، وقد جاءت تحمل في طياتها كل الخير لأبناء مملكتنا الحبيبة على اختلاف مستوياتهم وتنوع تخصصاتهم ودرجاتهم، الأمر الذي معه تتحرك مشاعر كل فرد من أفراد وطننا وتدفعنا إلى التأمل في مواطن قوتها، ومصادر عزتها، وذلك من خلال النقاط التالية:
الأولى: أن ميزانيتنا الحقيقية نحن أبناء هذه الأمة السعودية هم ولاة أمرنا، الذين صنعوا وبتوفيق من الله مجدنا، ورعوا حضارتنا وتاريخنا وسطروا أروع الأمثلة في ذلك، فإنهم ومنذ توحيدها على يد المؤسس لهذا الكيان العظيم الذي لم يعرف له التاريخ الحديث نظيراً الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- حتى عهد قائد المسيرة، وباني النهضة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وساعده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء -وفقهم الله- قد حملوا على عواتقهم خدمة هذه البلاد، وبذل الغالي والنفيس، وتسخير كل الإمكانيات من أجل تقدمها وتطورها ورفاهية شعبها، وتسهيل جميع الوسائل والأساليب المحققة لراحتهم، ومسايرتها للعالم الحديث، لتقف شامخة كالطود في مصاف الدول التي تحسب له الحسابات، وينظر إليها نظرة اعتزاز وافتخار، وذلك وفق خطى ثابتة، وسياسة حكيمة، ونظرات صائبة، وآراء ناضجة، وعمل دؤوب، وجهود مستمرة لا تمل ولا تكل، غير مغفلة الثوابت والأصول والقواعد التي أسست عليها، والمنطلقة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف هذه الأمة، والتي هي الحصن الحصين، والركن الركين، والسياج الحامي، والدرع الواقي بعد الله سبحانه للمملكة قيادة وشعباً، فمنها عزتهم وتمكينهم، وإليها يعود نصرهم واستمرارهم وثباتهم.
الثانية: أن هذه الميزانية تعتبر أعلى ميزانية في تاريخ هذه الدولة المباركة مما يدل دلالة واضحة على أن بلادنا الغالية مقبلة على مرحلة كبيرة من التطور والنماء والرخاء، فالحمد لله الذي أنزل علينا رحمة من السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض ونسأل الله المزيد من فضله.
الثالثة: ثبات الاقتصاد السعودي، وقدرته وبكل اقتدار وكفاءة على مجاراة أقوى الأنظمة الاقتصادية، ووفائه بمتطلبات الوطن والمواطن في جميع المجالات التعليمية والصحية، والخدماتية والاجتماعية، واستمراره في دعم المشاريع التنموية القائمة والجديدة، وهذا يحدث ويوجد بتوفيق من الله ثم بجهود ولاة الأمر، رغم ما تمر به الاقتصاديات في العالم من تضخم، وتدهور، وعجز وضعف، ليكون ذلك حججاً دامغة وبراهين ساطعة في وجوه الحاسدين والحاقدين، الذين لا يفترون عن التشكيك والتشويه في كل ما يتعلق ببلدنا ولذلك نقول: إن الأمر ما ترون وتسمعون فموتوا بغيظكم.
الرابعة: إن ميزانية الخير والعطاء والثبات والنماء والطموحات تدل على أن القواعد والرواسخ التي ينطلق منها اقتصادنا قوية ومتينة وثابتة ومتطورة ومتحسنة لا تؤثر عليها المؤثرات ولا تهتز ولو مع قوة الحوادث والصوارف، وستزداد -إن شاء الله- نماءً وقوةً في كل يوم يمر علينا.
الخامسة: ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- من حث لجميع المسؤولين على متابعة المسيرة وذلك فيما يتعلق بتحقيق أرقى وأعلى المستويات في الخدمات المقدمة للمواطنين التي من خلالها ينعمون بكل رفاهية وراحة، وذلك نجد أن البنود المخصصة في الميزانية لهذا الأمر قد زادت واستمرت بنسبة ظاهرة تبشر بالخير، وهذا دليل قاطع على ما يكنه قادة هذه البلاد لأبناء بلادهم من محبة وتقدير، وما يهيئونه لهم من الوسائل والأساليب ولو كان على حساب أشياء كثيرة من أجل سعادتهم وطمأنينتهم واستقرارهم، ورغد عيشهم، وليستمروا في العطاء، ويكونوا لبنات صالحة في هذا الوطن الغالي. فهنيئاً لنا بهؤلاء الرجال الأفذاذ الأماجد الذين قدموا راحة شعبهم على راحتهم، وسهروا من أجل أن يرقدوا، وتعبوا حتى يهنأوا.
وهذا لا يحتاج إلى ثوابت أو بيان، فها هو خادم الحرمين الشريفين قد بذل نفسه وجند إخوانه وأعوانه وأولاده وأمواله وسخر كل أوقاته بل إنه جاب دول العالم طولاً وعرضاً، شمالاً وشرقاً، وغاب عن وطنه شهوراً وبذل كل جهده وفتح أبوابه للصغير والكبير، وعلى نفس الطريق يسير سمو ولي عهده، فيعمل ويجتهد ويواصل مشوار أخيه ليحققوا هذه الغايات السامية التي تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن.
السادسة: لا شك أن التعلم والتعليم بما له من أهمية بالغة وأثر وتأثير على مسيرة الأمم وتقدمها وحفاظها على ثوابتها هو الهاجس الأول لخادم الحرمين الشريفين (ملك الإنسانية) وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، ولذلك فإنه يجد كل الدعم والمساندة والمتابعة منهم -رعاهم الله- سواء التعليم العام، أو العالي، الأكاديمي أو المهني والفني والتقني للذكور والإناث بل إنه قد لاح في الأفق من خلال الإعلان عن ميزانية هذا العام إنشاء عدد من مؤسسات التعليم العالي في مختلف مناطق المملكة إضافة إلى ما سيجده هذا الجانب الحيوي المهم من دعم ومؤازرة بالصورة التي تجعله يتمكن من الوفاء بمتطلبات مجتمعنا وتلبية الحاجة الملحة والزيادة المطردة في إعداد الطلاب والطالبات وذلك في إيجاد فرص التعليم على مختلف أنواعه وتخصصاته مع دعمه بالوظائف التعليمية التي تسد الحاجة في ذلك. وبما أني أحد منسوبي التعليم العالي بصفة عامة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بصفة خاصة، أنوه وأشيد بما حظيت به هذه الجامعة العريقة من ميزانية مباركة وبما تلقاه من وقفات قوية ودعم مادي ومعنوي غير محدود من ولاة أمرنا مما لا يعد غريباً على أبناء مؤسسها الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن -غفر الله له- والذي أراد من ورائها حملها للرسالة التي قامت عليها مملكتنا الحبيبة، وخدمتها لها، ولذلك نراها اليوم تضطلع بمهام كبيرة وأعمال جليلة مؤصلة وعلمية متنوعة داخل المملكة وخارجها، وهي تعتز بذلك وتؤديه بكل أمانة وإخلاص وستستمر عليه بدعم وتوجيه من قادتنا أعزهم الله.
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا، وأن يوفق ولاة أمرنا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، لكل ما يحبه ويرضاه، وأن يجعل ما يقدمونه للمسلمين في كل مكان في موازين حسناتهم، وأن يرزقنا الإخلاص والاحتساب في القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
(*) مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية