الزَّيفُ، لونٌ من التدليس، يلتقي بالنفاق في أحد أنفاقهما,..
ومع الكذب في أوسع طرقهما،..
وهو معروفٌ بوصفهِ صفةً من قائمةٍ، ضرَبت عنها الفضائلُ صفحاً..
أنكرها النبلاءُ، وتخلّى عنها المُطَهَّرون،..
تكشف عنه علاماتُه، وتُوقعه في فِخاخِه وسائلُهُ،
يصلُ إليه كلُّ من أوتيَ وعياً، أو حمل قلباً فطنا، أو رُزق روحاً شفيفة، أو من اتخذَ منهجَ صدقٍ..
غير أنَّ التعايشَ معه فَرْضٌ.. أوجبتْه متغيّراتُ القلوبِ، حين القلوبُ هي العقولُ..
فالحياة إن تغيّرت، فلأنَّ إنسانَها هو المُتغيِّر..,
وليس كلُّ متغيّرٍ إلى أفضلَ.. أو على صوابٍ..
ما بال الزّيف غدا غُثاءً كالسيلِ..؟
تقابله في كلِّ مَنفذٍ، وعند كلِّ مدخلٍ لك، ومخرجٍ..,
يُقاسمك شطرَ كلّ أمر..
في البنوك, هو عندك سبيل تيسير..,.. بينما عنه تقع في فخاخ الديون..
وهو في الأسواق, بضاعة, تغويك
بدعوى فوائد لها خيالية،..
وبأثمان لها يغريك التفاوتُ بينها،..
وبتنوُّعٍ فيها يذهبُ بعقلك،..
وبكثرة منها لا تُبقيك خارجَ أسرها,..
بينا هي: زيف نهَّاش في لحمك..,
بنَّاء لغيرك على حسابك..
زيفٌ..,
أنت تبذلُ، وغيرك يأخذ حصادكَ,..
أنت تقع، وغيرك يعتلي بك..,
أنت تمرض، وغيرك يصحُ بعافيتك..,
التاجر يزيّف،.. والطبيب يزيّف..،
والمستفيد منك يتزيّف بصنيعك..،
معلِّمك يزيّف إخلاصه، فتخرجُ من بين يديه لا تفقه شيئا..
صديقك يزيّف صدقه، ففي الموقف لا تجده..
حتى بائع الزهور يزيّف الزهرة التي يبيعها لك..
كم من زهرة ابتعتها بألوان مغرية، وهي ليست ألوانها الطبيعية..؟ ولا رائحة لها..
كم من دواء استخدمته.., ولم يُجْدِك نفعا..؟
وكم فكرة قرأتها، وكاتبُها لا يتمثّلها..؟
وكم مصلياً لأنه في جماعة، فإذا خلا لنفسه، نام عن صلاته، أو سها..؟
كم وعوداً سمعتها بألفاظ عذاب..؟، فإذا ما غسل الآكل من أطباقك يدَه، ولَّى عنك مدبرا..؟
حتى المشاعر غلفها الزّيف..
يقولون ما لا يفعلون..,
ويؤكدون فلا يصدقون..,
تعمَّق الزّيفُ، وكبر، واستطال، وافترش له أجنحةً، وطار..
حتى بلغ خِلْقةَ الله تعالى فيهم..:
فوجوه النساء والرجال، من حولك، ما مدى الحقيقة فيها..؟
لحق الزيفُ بالشفاه، والخدود، وحول العيون، ولون البشرة,..
بل بلغ الزّيف طول عظام الأقدام..؟
ما الذي بقى للإنسان من الإنسان.. حين أصبح الإنسان كالمنحوتة، أو البناء من الطين والحجر..
له أطباء ينحتون، ويرمّمون،.. ويفعلون ما لا يملكون...
الزّيف يغلف كل شاردة، وواردة في حياتك اليومية..
فهل تثق الآن في أيِّ وجهٍ، دون أن تتفّحصَ وجهَه الآخرَ..؟ أو تسبرَ
ما يخفيه..؟