كان حضور القضايا الإسلامية بارزاً في رحاب الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث أقيم المؤتمر العالمي الأول عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة القضايا الإسلامية تحت رعاية معالي وزير التعليم العالي د. خالد العنقري، وبإشراف معالي مدير الجامعة الإسلامية د. محمد العقلا، وبحضور عشرات الباحثين والباحثات، وكبار الضيوف من علماء ومفكرين وأدباء من داخل المملكة وخارجها.
مئة بحثٍ تناولت عشرات القضايا الإسلامية المختلفة من خلال دور السعودية فيها مشاركة فعلية، أو دعماً مادياً، أو معنوياً، منذ عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - إلى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله لكل خير -.
كان تنظيم المؤتمر متميزاً بشهادة من حضر ورأى وسمع، ولعل تتابع المؤتمرات في هذه الجامعة الإسلامية الكبرى منذ تسلم مديرها «أبي طارق» د. محمد العقلا إدارتها قد أسهم في الوصول إلى هذا المستوى المتميز من الترتيب والتنظيم.
تجوَّلت بحوث المؤتمر بالحضور بين قضايا إسلامية متعددة، وأعادت ذكريات قديمة، وفتحت منافذ الاطلاع على جهود كثيرة لبلاد الحرمين الشريفين في مراحل زمنية متعددة لم تعد تذكرها الأجيال المعاصرة.
«التضامن الإسلامي، قضايا فلسطين والقدس قديماً وحديثاً، قضية لبنان، قضية العراق وإيران، والبوسنة والهرسك، وكوسوفا، وأفغانستان، وكشمير، والقضايا الإفريقية، وقضايا الدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا، وقضايا الدول الإسلامية في روسيا وما حولها أثناء احتلال الاتحاد السوفيتي، وبعدها، وقضايا الدعوة الإسلامية، وتعليم القرآن وتحفيظه، وخدمة السنة النبوية، ونشر وتعليم اللغة العربية، وقضايا الإغاثة المختلفة، وأدوار رابطة العالم الإسلامي، وهيئة الإغاثة الإسلامية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ورصد ذلك رصداً توثيقياً تاريخياً مع عرض بعض التسجيلات الوثائقية التي توضح الصورة، وترسِّخ المعلومة.
كان لدارة الملك عبدالعزيز دور بارز في إعداد ومتابعة بحوث المؤتمر بإشراف مباشر من معالي الدكتور فهد السماري.
المؤتمر كبير بموضوعه المتشعِّب، وبتنوع بحوثه، وأوراق العمل فيه، وتعدد مستويات ومشارب ضيوفه، وبما قامت به الجامعة الإسلامية من جهد كبير في الإعداد له، وتنظيمه، وبالحضور الكثيف لحفل افتتاحه، وجلساته جميعاً، وبوجود معرض للكتاب مصاحب له، وبمشاركة عدد كبير من طلاب الجامعة الإسلامية الذين يمثلون دول العالم الإسلامي كلها - تقريباً -، وهذه سمة خاصة بهذه الجامعة المباركة التي أنشئت في عهد الملك سعود - رحمه الله - لتستقطب طلاب العلم والمعرفة من أنحاء العالم، ولهذا استحقت أن يطلق عليها «الجامعة التي لا تغيب عنها الشمس».
كان حفل الافتتاح في القاعة الكبرى برعاية معالي وزير التعليم العالي وبحضور حشد كبير من العلماء والمفكرين مثل الشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ أحمد هليل مفتي الأردن سابقاً، ود. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر سابقاً، والشيخ عبدالعزيز الفالح نائب رئيس شؤون الحرمين، ود. محمد علي محجوب وزير الأوقاف المصري سابقاً، ود. صالح الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية وغيرهم من الفضلاء، وقد ألقى مدير الجامعة الإسلامية كلمة المؤتمر، كما ألقى د. فهد السماري كلمة دارة الملك عبدالعزيز، وألقى د. محمد محجوب كلمة الضيوف، وألقيت مقاطع من قصيدة «نقوش على بوابة المصمك تحت عنوان «إيقاع مملكة».
يخرج المتابع لجلسات هذا المؤتمر بحقيقة مهمة، تزداد مع الأيام تأكيداً ورسوخاً، وهي «الدور الإسلامي الكبير الذي تضطلع به بلاد الحرمين في العالم الإسلامي» والمسؤولية الإسلامية الكبيرة الملقاة على عاتقها، والقيمة المعنوية الكبيرة للمملكة العربية السعودية في نفوس الناس جميعاً، انطلاقاً من موقعها الروحي المتميز، ورعايتها لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومن قيامها بدورها الإسلامي في خدمة قضايا المسلمين، ونشر دعوة الحق والخير، وهي قيمة معنوية ستظل راسخة في النفوس ما دامت هذه البلاد ثابتة على هذه المبادئ، مواصلة لخدمة دين الله داخلياً وخارجياً.
إنها نعمة عظيمة، ودور كبير، وكل ذي نعمة محسود.
إن تميز بلادنا مرتبط بدينها وقيمها وثوابتها، وتطبيق شرع الله فيها، وحملها لهموم المسلمين في العالم، وجميع الجوانب الأخرى، اقتصادياً وسياسياً تأتي تابعة لتلك القيمة المعنوية العظيمة.بمثل هذه المؤتمرات تقدِّم الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أنموذجاً بارزاً للجامعة التي تكتمل رسالتها، تعليمياً، وبحثياً، وخدمة للمجتمع.
إشارة:
نهر جرى من مهبط الوحي الذي يُعطي عطاء الخير للمتوسِّم