السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشير إلى المقال الوارد في جريدة الجزيرة الذي نُشر بالعدد رقم 13886 وتاريخ 26 شوال 1431هـ، بقلم الكاتب إبراهيم بن سعد الماجد، الذي تناول فيه ما تعانيه الأحياء من زيادة في الحركة المرورية؛ كونها أحياء مفتوحة وذات مداخل عديدة؛ حيث يعزو الكاتب هذا الوضع إلى سوء التخطيط، ويقترح عدداً من الأفكار التي تساهم في إعادة تخطيط تلك الأحياء وتحسينها، ولاسيما أن تلك الأحياء تعاني كثافات سكانية متزايدة.. ونود أن نشكر الكاتب الكريم على مقاله الجيد ومساهمته بالرأي، ونفيدكم بأن القضية التي تطرق إليها المقال تُعتبر من القضايا المهمة على مستوى المدينة، كما تُعتبر الأفكار التي تم طرحها أفكاراً جديرة بالمراجعة؛ باعتبارها معالجات أولية يمكن الاستفادة منها وتطويرها.
إن مفهوم «إعادة تخطيط الأحياء القائمة»، الذي يمثل عنواناً لهذا المقال، يتعدى بمفهومه الأفكار التي أوردها الكاتب في تحسين الأحياء السكنية إلى التغيير المباشر في النمط التخطيطي للحي بكامله؛ وهذا بالتالي يحتاج إلى تنظيمات فنية ومالية كبيرة، تتضمن نزعاً في الملكيات لبعض القطع السكنية، وإجراء تعديلات في مسارات الشوارع واستعمالات الأراضي ومواقع الخدمات العامة.
إن معظم الأفكار التي أوردها الكاتب تندرج ضمن مفهوم «تحسين الأحياء السكنية»، الذي يُعنى برفع مستوى الكفاءة وتوفير الخدمات العامة وتحسين البيئة السكنية والرفع من مستوى السلامة والأمن داخل الحي السكني، ولا يزال التعامل مع الأحياء المطورة التي تحتوي على مخططات معتمدة ومساكن قائمة وطرق منفذة يقابله صعوبات ومعوقات اجتماعية وفنية ومالية، مثل وجود تمديدات البنية التحتية في الشوارع المستهدف إغلاقها، وموقف بعض السكان من عملية إقفال الشوارع، وتوافر التمويل اللازم لتنفيذ التحسينات المطلوبة.
ولقد أولى المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض موضوع تحسين وتطوير البيئة السكنية عناية فائقة؛ باعتبارها أحد قطاعات التنمية العمرانية الرئيسية التي تضمنها المخطط، وتضمنت الدراسات التي تم إجراؤها خلال إعداد المخطط تحديد المشكلات والقضايا التي تعاني منها الأحياء الحالية، ومدى رضا سكان تلك الأحياء عنها، وإيضاح نوعية الأحياء السكنية المفضلة لدى السكان؛ وذلك بهدف معالجة أوجه النقص الحالية للأحياء القائمة وتحقيق مستويات معيشية أفضل وخفض التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للأحياء المستقبلية. إضافة إلى ما اشتمل عليه المخطط من سياسات وإجراءات خاصة بالمناطق السكنية القائمة التي تُعنى بتحسين مستوى التخطيط العمراني في تلك الأحياء لتلبية الاحتياجات الاجتماعية للسكان ومعالجة المشكلات التي تعاني منها، ومن أبرز تلك السياسات ما يأتي:
- المحافظة على هوية الأحياء السكنية، ومنع تغيير الاستعمال السكني.
- إيجاد مراكز للأحياء السكنية وتطويرها.
- معالجة وتحسين الحركة المرورية داخل الأحياء السكنية وتحديد التدرج الهرمي للشوارع.
- توفير ممرات مشاة آمنة وتحسين مستوى التصميم العمراني وبيئة الشوارع بزيادة التشجير وأرصفة المشاة.
- وضع برامج لتمويل الإجراءات الخاصة بتطوير وتحسين الأحياء بمشاركة السكان.
- مراجعة وتطوير أنظمة البناء الخاصة بالمناطق السكنية.
- توفير واستكمال الخدمات العامة المطلوبة في الأحياء السكنية القائمة وإيجاد التمويل اللازم لتطويرها على الأراضي المخصصة لتلك الخدمات.
ولأهمية البيئة السكنية فقد خُصِّصَ فصلٌ كاملٌ للأحياء السكنية ضمن تقارير المخطط الاستراتيجي (تقرير المخططات الهيكلية المحلية)، الذي يُعتبر أحد التقارير النهائية للمخطط؛ حيث تضمن تحليلاً للقضايا التي تعاني منها الأحياء السكنية في مدينة الرياض، ووضع المواصفات والقواعد الإرشادية لتخطيط وتحسين الأحياء السكنية، كما تضمن العديد من الحلول والمعالجات التخطيطية المناسبة لخمس حالات دراسية تعكس الأوضاع الحالية المختلفة للأحياء السكنية في المدينة، وذلك على النحو الآتي:
- الأحياء السكنية الجديدة.
- الأحياء التقليدية والشعبية.
- الحي النموذجي.
- مخططات الأراضي المعتمدة غير المطورة (اقتراحات للتحسين).
- حالة دراسية لإعادة تخطيط أراضٍ ضمن مخطط سكني.
وهذه المعالجات الواردة في التقرير المشار إليه أعلاه تهدف إلى تحسين نوعية الأحياء السكنية القائمة والمخططة، وتمثل قواعد استرشادية يُستفاد منها في تنفيذ المعالجات اللازمة لتلك الأحياء، سواء في مرحلة التخطيط أو التنفيذ على المستوى المحلي. وقد تضمن البرنامج التنفيذي للمخطط الاستراتيجي، الذي يمثل الأداة التنفيذية والمظلة التوجيهية لأعمال الجهات العاملة في المدينة نحو تنفيذ سياسات وبرامج المخطط، برنامجاً يُعنى بتطوير وتحسين الأحياء السكنية بمدينة الرياض؛ حيث يهدف هذا البرنامج إلى تجديد وتحسين البيئة العمرانية للأحياء السكنية، بالتعاون مع أمانة منطقة الرياض والجهات ذات العلاقة، وبمشاركة مباشرة من سكان الأحياء؛ وذلك لوضع الحلول والمعالجات التخطيطية المناسبة، وسوف يتضمن هذا البرنامج من خلال البلديات الفرعية، ومن خلال عقد لقاءات تشاورية مع سكان الأحياء، تحديد أهم المشاكل والقضايا التي يعاني منها سكان الحي، ومن ثم اقتراح ووضع الحلول المناسبة.
كما أولت الهيئة اهتماماً بتحسين تخطيط الأحياء السكنية والرفع من مستوى التخطيط العمراني للحي السكني، ونشر الوعي اللازم للجهات الحكومية ذات العلاقة والمكاتب الاستشارية العاملة في هذا المجال نحو تبني أنماط تخطيطية متميزة، وذلك من خلال عقد ندوات الإسكان، خاصة ندوة الإسكان الثالثة المنعقدة في عام 1428هـ تحت عنوان (الحي السكني أكثر من مجرد مساكن)؛ حيث نُظّمت خلالها مسابقة عالمية عن تصميم حي سكني نموذجي تحت شعار (الحي السكني.. سكن وحياة).
كما قامت الهيئة مؤخراً بتبني ودعم مفهوم مشاريع التطوير الشامل في المدينة؛ بهدف توفير بيئة سكنية عالية الجودة من خلال تشجيع الملاك والمطورين بإيجاد أنماط تخطيطية متميزة لمناطق سكنية متكاملة المرافق والخدمات العامة؛ حيث تم في هذا الصدد اعتماد 25 مشروعاً بمدينة الرياض، تشمل مشاريع سكنية وتجارية، وتمثل ستة مشاريع، منها إعادة لتخطيط مخططات سكنية معتمدة سابقاً تم إعادة تخطيطها بالكامل.
كما قامت الهيئة في هذا الصدد، وعلى مستوى أكثر شمولية، بتنفيذ مشاريع تطويرية نحو تخطيط وتطوير بعض المناطق التي تحتوي على أحياء سكنية قائمة بالمدينة، وذلك في إطار خطط التجديد العمراني للمدينة، خاصة لمنطقة وسط مدينة الرياض، مثل تخطيط وتطوير منطقة قصر الحكم، وإعادة تخطيط وتطوير حي الدحو، ووضع خطة للتطوير والتجديد العمراني لمنطقة الظهيرة بمشاركة القطاع الخاص، كما يُعتبر تخطيط وتطوير حي السفارات ومشروع إسكان منسوبي وزارة الخارجية أحد النماذج في تخطيط وتطوير الأحياء السكنية على مستوى المدينة.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ما تقوم به أمانة منطقة الرياض؛ باعتبارها الجهة التنفيذية المسؤولة، من جهود نحو الرفع من مستوى أساليب وإجراءات التخطيط العمراني الخاصة بالمخططات الجديدة للأراضي السكنية، وحصرها في مكاتب استشارية مؤهلة، وتشكيل لجنة للتخطيط تُعنى بمراجعة واعتماد تلك المخططات، وكذلك العمل على تنفيذ مشاريع لتحسين الأحياء السكنية القائمة تُعنى بتحسين الحركة المرورية في الشوارع المحيطة بالأحياء السكنية، وتحسين بيئة المشاة، وتوفير ممرات آمنة ومفصولة عن حركة السيارات، ورصف وإنارة وتشجير الشوارع السكنية، إضافة إلى ما يجري تنفيذه من مشاريع تتعلق بتنفيذ الساحات البلدية داخل الأحياء السكنية التي تساهم في توفير الخدمات الترويحية للسكان.
العلاقات العامة والاتصالات بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض