إن مؤشر نجاح أية وكالة تجارية، هو حجم ما تقدمه من خدمات بعد البيع. فإذا كنا نسمع عن الوكالات الأوروبية والأمريكية التي يمكن أن تعيد لها البضائع من القميص إلى السيارة، إذا هي لم تعجبك أو صار فيها عيب أو خلل ما، فإننا في الوقت نفسه نشتهر بوكالات لا تطالع في وجهك، منذ اللحظة التي تخرج فيها من المعرض، غير عابئة بسمعتها في هذا المجال، وذلك لسبب بسيط، وهو أن الوكالات كلها، من وكالة العطور والملابس إلى وكالة الأجهزة الإلكترونية والسيارات، لا تقدم أية خدمات بعد البيع.
وكالة مشهورة، تسلَّمت جهازاً من مواطن لكي تصلح العطب الذي حدث فيه بعد فترة بسيطة من شرائه. بعد أيام، تسلَّم المواطن الجهاز من قسم الصيانة، وما هي إلا أيام حتى عادت المشكلة نفسها. الوكالة تعود لتصلح الجهاز وتسلمه للمواطن، لترجع الحالة نفسها. ولأنه فقد ثقته بالوكالة، وخوفاً من مزيد من الخسائر، أخذ الجهاز لمحل إصلاح من تلك المنتشرة بالشوارع. وهناك أخبره الفني أن الوكالة لم تصلح الجهاز، بل وضعت «سيليكون» في موقع المشكلة، لأنها بذلك ستجعلك تعود مرة أخرى، خاصة أن مشتري الجهاز لن يفتح قلب الجهاز ليعرف ما بداخله من مصائب.
لن أطالب هنا بجهة تحمي المستهلك، لأننا فقدنا الأمل في وجود مثل هذا الكيان. إنني أطالب أن نفتح عيوننا للتصدي لفنون الخداع. أما إذا وقعت الفأس في الرأس، فلنتعلم أن نلتجئ للجهات القانونية، وألا نجعل حقنا يضيع.