لا أظن بأن هناك من بيننا من يرضى بأن تساء معاملة أحد من الوافدين وخصوصا الخادمات في المنازل، لكون الأمر يتعلق بداية بمبدأ إسلامي في حسن التعامل «فالدين المعاملة»؛كما أنه لا يجب أن يحيد عن ذلك المبدأ المسلم الحق، فمنطلقه في هذا « قول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، ما ورد في حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- حين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لا يرحم الناس؛ لا يرحمه الله» ورسول الله يمثل القدوة لنا في أقواله وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع الخدم، كما أن الأمر يتعلق بسمعة بلدنا المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين، التي تشكل الحب الكبير في قلب كل مسلم، والتقدير في قلب كل إنسان في هذا العالم، فهناك من قدم إلينا واضطرته الظروف، ودفعته الحاجة، للعمل، خاصة الخادمات.
فما يجب علينا تجاههم؛ أن نرعى فيهم وصية نبينا -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال موصياً بالإحسان إليهم، ومحذراً من تكليفهم ما لا يطيقون، ومن الإساءة إليه أو إيذائهم «إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللّه تحْتَ أيْدِيكُمْ. فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مما يأكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِما يَلْبَسُ. ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فإنْ تكلَّفوهُمْ فأعِينُوهُم» فما نسمعه من تعامل سيء، فهو يخالف تعاليم ديننا في المعاملة الحسنة، مع من سخرهم القدر ليعملوا تحت أمرتنا، ويخالف القوانين المشرعة للعمل والعمال، في حسن معاملة الأجير، ويلحق الضرر بسمعة ومصلحة البلد،مع بلدان العمالة الوافدة، خصوصا الخادمات،وهن من أعني بهن مقالتي هذه، بعدما تردد كثيرا، كثرة ما يثار من حالات عن سوء المعاملة لبعضهن، وإن كانت حالات فردية وقليلة، إلا أنها تضر بسمعة البلد ومصالحه المشتركة مع تلك البلدان، كما أن ردات الفعل من قبل خادمات المنازل نتيجة لما يلقينه من معاملة سيئة، وأعمال لا تطاق على مدار الساعة بدون رحمة، تكون عنيفة ومقلقة، ومن ذلك محاولات بعضهن الهروب من المنازل، ومحاولات الانتحار، والانتقام من الأطفال ومن كفلائهم بأعمال السحر والشعوذة، أو إفساد الطعام أو غير ذلك مما قد يصل إلى ارتكاب جريمة القتل، كما حدث لإحدى الأسر عندما، أقدمت خادمة على قتل طفلة مخدومتها، ولعله من المناسب أن أختم بما ورد عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- حين قال: «كنت أضر بغلاماً لي، فسمعت خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود - مرتين - أن الله أقدر عليك منك عليه؛ فالتفتُ، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»، وقصة أنس بن مالك -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقوله: «خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، فما قال لي: أف قط، وما قال لشيء صنعته لمَ صنعته، ولا لشيء تركته لِمَ تركته،» فهل نعي أهمية معاملة الخدم في منازلنا ونتقي الله فيهم؟