تحتفل المملكة من أقصاها إلى أقصاها بخروج ملك الإنسانية وقائد الأمة عبدالله بن عبدالعزيز سالماً معافى من مستشفى برسبيتيران في نيويورك.. وإطلالته على مواطنيه وشعبه وأمته العربية والإسلامية وهو في أتم الصحة والعافية..
هذا من الأخبار السارة جداً التي يحتفي بها شعب المملكة وأبناء الأمة العربية والإسلامية ومحبو السلام في العالم.. وهو يخرج مصافحاً بابتسامته المعهودة قلوب مواطنيه ومخاطباً إياهم معبراً عن امتنانه وتقديره لهذا الشعب الوفي الذي كان يتابع مجريات تقدم حالته الصحية من حسن إلى أحسن ولله الحمد..
أجمع كل الناس وكل المواطنين وغيرهم من أبناء وبنات الأمة العربية والإسلامية وغيرهم من محبي السلام والتعايش والحوار في العالم أجمعوا على حب شخصية عبدالله بن عبدالعزيز، وقربهم منه، واستجابتهم له، ومعايشتهم للحراك السياسي والاجتماعي الذي وضعه في خارطة السياسة والمجتمع في العالم.
عبدالله بن عبدالعزيز أحبه الناس لمبادراته الجريئة، ورؤيته الحكيمة، وشجاعته غير المسبوقة في مواجهة التحديات التي واجهت الأمة.. لم يستسلم للظروف، ولم يتوار خلف مواقف التاريخ، بل واجه العالم بمواقف الأمة، وجاهد في الدفاع عن قضاياها وهمومها.. وصنع مجداً جديداً، وعالماً مختلفاً، وفتح مساحات في الحرية والعمل والتقدم والعلوم لم تكن موجودة، ولم يكن يحلم بها أبناء وبنات الوطن وأبناء وبنات الأمة..
عبدالله بن عبدالعزيز ابن الصحراء الذي اعتاد على شغف الحياة وتمرس في مواقف البطولة منذ صغره، وعايش وقرأ مواقف العالم ودرس التاريخ استطاع في سنوات قليلة أن يدخل التاريخ من بوابة القرن الحادي والعشرين.. فهو القائد الملهم والملك الصالح والرمز الخالد في التاريخ المعاصر..
مئات الملايين من الناس من داخل المملكة وخارجها من عرب وأجانب يُجمعون على حب شخصية عبدالله بن عبدالعزيز لأنه مخلص في توجهاته، ومنصف في آرائه، وعادل في كلامه، وصريح في عباراته.. أحبته الشعوب والقيادات، وأحبه الصغير الكبير، وأحبه الرجال والنساء.. لأنه شخصية دخلت الأسرة السعودية عن حب وتقدير.. وأصبح فرداً من أفراد الأسرة.. وشخصاً يعيش معها، ويتفهم همومها، ويتفقد حاجاتها.. ويعمل من أجلها..
طبيعة شخصية عبدالله بن عبدالعزيز لا تتكرر، وعفويته تأسر كل من يلامسها، وطبيعته تعكس حباً داخله لا ينضب، وشغفاً به لا ينتهي، وتقديراً له بلا حدود.. ومن يراه يجده دائماً في حضور الإحساس بالمواطن، قريب الفهم لهموم الناس، يعيش داخلهم، ويعيشون داخله.. هاجسه الأول هو المواطن، وهمه الكبير قضايا الأمة، وعقله دائماً في تفكير نحو تقدم الوطن.. وفكره مشغول بما يرفع صوت الوطن ويدافع عن قضايا الأمة..
ما جعلني أنا وجعل غيري من الناس داخل الوطن وخارجه في تقدير وإعجاب مستمر بشخصية عبدالله بن عبدالعزيز هو كونها شخصية طبيعية، مثلنا، ومثل كل الناس.. لا يصطنع المواقف، ولا يأبه بالبروتكولات، ويعيش كما نعيش، ويحب ما نحب، ويكره ما نكره، فهو مواطن قبل أن يكون ملكاً، وليس ملكاً قبل أن يكون مواطناً.. فالمواطنة هي مكون أساسي من مكونات شخصيته.. ولهذا فحب الملك عبدالله جاء طبيعياً، غير مصطنع، انساب في القلوب، فهو في قلب الوطن، وهو ضمير الأمة..
عبدالله بن عبدالعزيز صاحب رؤية، يعرف متطلبات المرحلة، وهو صاحب مبادرة يدرك ثغرات التاريخ، وهو صاحب حكمة يعرف كيف ومتى وماذا يستوجبه التاريخ، وتتطلبه الأمة، وينتظره الوطن. ولهذا صنع المبادرات، وبنى مسارات التاريخ، واقتحم قضايا العالم، وهاجم أعداء الأمة، وبنى قواعد التقدم، وأسس خطوط التنمية المعاصرة..
ومن رؤيته المشرقة دائماً استباقه للأحداث، واستشعاره مخاطر الزمن، وإدراكه مساحات المناورة في السياسات الدولية.. ولهذا فقد بادر قبل أن يبادر الآخرون، وبنى سياجات الوقاية قبل أن نضطر إلى دفاعات الهجوم على الوطن أو الأمة العربية والإسلامية.. استبق أحداث الساعة، وبدد مخاوف العالم، وأعلن بالفعل قبل القول أن هذا الوطن هو وطن في أمة، وهذه الأمة هي أمة في العالم.. ومن أجل أن نكون في هذا العالم لابد أن يسمع الجميع عنا، ومنا.. ولابد أن نحتكم إلى العقل والتاريخ..
عبدالله بن عبدالعزيز هو صورة التاريخ المشرق، ورمز الأمة المجيد، وقامة الوطن الشامخة، فلم يعد مجرد ملك في وطن، بل أصبح قائداً في أمة، وأصبح رمزاً في التاريخ، وأصبح عقلاً وقلباً لكل مواطن، ولكل عربي ولكل مسلم.. وعبدالله بن عبدالعزيز الذي يخرج من السرير الأبيض، فهو يعود قريباً إلى الوطن الذي لم يخرج منه أبداً، فقد كان موجوداً في كل لحظة، وحاضراً في كل مكان، ومعنا أينما كنا، وفي داخلنا حيثما حللنا، وفي قلوبنا وعقولنا، ويعيش في مشاعرنا.. إنه أخ في أسرة، ووالد في عائلة، وفرد في مجتمع، ومواطن في وطن، وإنسان في هذا العالم..
(*) المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدوليةأستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود