وعاد الحجيج إلى ديارهم.. عاد ضيوف الرحمن إلى أوطانهم بعد أن أكملوا رحلة الإيمان وأدوا فريضة الحج بقلوب يعمرها الإيمان.. ونفوس باعت مباهج الدنيا لتلبي دعوة الخالق عز وجل.
عاد الحجيج إلى أوطانهم بعد أن توافدوا على بيت الله الحرام من كل بقاع العالم.. جاؤوا من الصين والهند وروسيا وباكستان.. جاؤوا من بنغازي وسمرقند وأذربيجان.. ترك المؤمنون أسرهم في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأستراليا، وتوجهوا إلى مهبط الرحمن في مكة المكرمة وهم يرددون (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك).
ولأول مرة منذ أن فرض الله سبحانه وتعالى على المؤمنين فريضة الحج يصل عدد ضيوف الرحمن إلى أكثر من ثلاثة ملايين حاج جاؤوا جميعهم من خارج المملكة العربية السعودية إيماناً واحتساباً، وكان منظر هذه الملايين وهي تقف أمام ربها فوق جبل عرفات حيث جموع المؤمنين الذين باعوا الضلالة بالهدى فربحت تجارتهم بإذن الله، وكان نظام تأدية المناسك وشعور الحجيج بالأمن والأمان على أرواحهم وممتلكاتهم وهم ينتقلون من الطواف إلى السعي فالوقوف بعرفات ثم الانتقال إلى منى، ثم ترتعد فرائص حاج واحد وهو يسير في الطريق التي سار فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة خوفاً من اعتداء الأرواح والأموال، ولم يمت واحد من ضيوف الرحمن جوعاً أو عطشاً؛ فقد شعر الجميع بنعمة الأمن والأمان، أحسوا بالنظام فقد كانت الخدمات تنتشر في كل الأماكن التي ينتقلون فيها، أدى الجميع مناسكهم بطمأنينة وخشوع، وتجولوا في أرجاء المشاعر بنظام وهدوء.. نام الجميع وهم قريرو العيون؛ لأن العيون الساهرة كانت تحرسهم بكل محبة وإخلاص، لقد أجمع ضيوف الرحمن على أن يشكروا كل الجهود التي بذلتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - لخدمتهم وتوفير الأمن والأمان لهم.. لقد شعر ضيوف الرحمن بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين تنفذ توجيهات (أبي متعب) الذي يصر مقامه الكريم على أن يتابع بنفسه كل الإجراءات المتخذة لراحتهم ويعمل على وضع الخطط الكفيلة لتحقيق الأمان والطمأنينة لهم؛ ليؤدي الجميع مناسكهم بهدوء وخشوع وطمأنينة، فإذا كان دافع ضيوف الرحمن وهدفهم هو تلبية نداء رب العالمين فإن خادم الحرمين الشريفين الذي يشعر ويحس بل ويؤمن بأن الله الذي أكرمهم بخدمة بيته العتيق ومسجد نبيه الكريم قد وضع في عنقه أمانة كبيرة ومسؤولية عظيمة هي توفير كل الوسائل والأساليب التي تُمكّن الحجاج من أن يقيموا رحلتكم الإيمانية بالشكل الذي يرضاه ربهم، وهذا لا يكون إلا بتوفير الأمن والأمان والطمأنينة، إضافة إلى توفير الخدمات العامة. وقد تمتع كل من أدى فريضة الحج هذا العام بكل الإمكانيات التي سخرت ووضعت لخدمتهم؛ فعاد الجميع وهم يشكرون لخادم الحرمين الشريفين حرص مقامه الكريم وسهره على راحتهم ولحكومته عملها وجهدها في تنفيذ تعليماته.
لقد كانت وما زالت المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -، على العهد بها دائماً، وفيّة للعهد، مخلصة في العمل، سهر الجميع وعملوا بكل الطاقات لخدمة ضيوف الرحمن، وقد حقق الله - عز وجل - الرجاء، وتمتع الحجيج بمناخ رائع من الأمن والأمان.
كما تجلى لكل مسلم وما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين من إنفاق يتجاوز عشرات المليارات من الريالات لتنظيم أداء النسك والتنقل من مكان إلى آخر في بقعة محدودة من الأرض.. يصل إليها الملايين في وقت محدد وزمن مفروض لا مجال للاجتهاد في تأجيله أو تأخيره، إضافة إلى سهر ورعاية خادم الحرمين الشريفين شخصياً وحرصه على متابعة كل الإجراءات.
جزى الله خادم الحرمين الشريفين الخير الوفير بما أسلف وقدّم وما استبق فخطط، وكانت الصورة وضيوف الرحمن يقومون بأداء شعائر الحج صورة رائعة، وكانت تكبيرات الحجيج وهي ترفع اسم الله وتسبح بحمده تبعث في النفس السعادة والحبور.. وفي الفؤاد الفخر والاعتزاز بالرجال الأوفياء الذين نذروا أنفسهم لخدمة مقدسات العرب والمسلمين.
نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والخير والعطاء في ظل قائدنا وراعي مسيرتنا مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وسمو النائب الثاني وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله - وحكومتنا الرشيدة، وأن يحفظ مملكتنا الغالية ويبعد عنها كل شر ومكروه.
المدينة المنورة