أكاد أجزم أن العديد من الأسر السعودية أصبحت متضررة جداً من جراء ضعف نظام الكفالة الحالي المُستغل من قبل العمالة بشكل سلبي يناسبها ويتوافق مع أهدافها المادية، والدليل على ذلك انتشار ظاهرة هروب العمالة من كفلائهم بشكل ملفت للانتباه حتى أنه يكاد لا يخلو منزل من المنازل من هروب عامل أو خادمة أو تشغيل عمالة بطرق غير نظامية.
العمالة أدركت مدى الفائدة التي تجنيها من خلال العمل لدى غير الكفيل وأصبحت تخطط لذلك مبكراً وقبل الوصول للعمل في المملكة، فأصبحت تحضر للكفيل الرسمي وتبدي الولاء والطاعة التامة لمدة شهر لحين التأكد من الحصول على الإقامة ومن ثم رخصة القيادة للرجال، ومن ثم يبدأ مسلسل الهروب من خلال شبكات تهريب منتشرة في المملكة هي الأخرى مستفيدة بدرجة كبيرة وتحصل من كل عامل ما يقارب 500 ريال من أجل نقله للعمل بطريقة غير نظامية لدى عائلة أخرى. وفي كثير من الأحيان يُفاجأ الكفيل بهروب مكفوليه، والسبب أن هناك من يغريهم بزيادة في الراتب، والمتضرر في كل الحالات هو الكفيل والذي خسر تكاليف كثيرة بما فيها قيمة التأشيرة وتكلفة الاستقدام وتكاليف استصدار الإقامة والرخصة، ومن ثم تكاليف ترحيل العامل الهارب عندما يقرر السفر!! وبعدها يضطر هذا الكفيل الذي فقد مكفوله للبحث عن بديل من الداخل ويجد عاملاً هارباً من كفيله فيشغله بطريقة غير نظامية وبراتب أعلى من مكفوله الأصلي.
وهكذا تستمر العملية، العامل يحضر للمملكة وفي ذهنه الهروب من كفيله بحثاً عن راتب أعلى والكفيل خاسر في كل الحالات، هذه الظاهرة لم تكن موجودة قبل سنوات وتزايدت خلال السنتين الأخيرتين بسبب غياب الرادع القوي وضياع المسؤولية بين عدة جهات وتخلي مكاتب العمل عن القيام بدورها أو حتى التفكير في إيجاد حلول للمشكلة.
الحل -في نظري- لتلك الظاهرة يكمن في سرعة تفعيل نظام تأجير العمالة من قبل شركات متخصصة تقوم باستقدام العمالة وتدريبهم ومن ثم تأجيرهم لمن يحتاج عمالة باليوم والأسبوع والشهر والسنة وفق عقود وضوابط واضحة. وفي ذلك ضمان لحقوق الجميع وتقليل لخسائر استقدام عمالة تهرب مباشرة منذ وصولها. وبعدها سوف يبدأ مسلسل هروب العمالة في التقلص والاضمحلال.
لو كنت مكان معالي وزير العمل لعملت المستحيل من أجل حل تلك المشكلة ولوضعتها أحد أهم أولويات العمل في الوزارة وفي مكاتب العمل التابعة لها وأجزم أن حل تلك الظاهرة سوف يرفع من أسهم معاليه كثيراً.