أنظر إلى عيني ابنتي وهي ترتقي سلم العلم بحماس وطموح لإطلاق طاقاتها لخدمة وطنها وتحقيق ذاتها.. وقلبي يعتصر ألماً لأنها لا تعلم أن طريق العلم السريع المتعدد المسارب وإن كان يتسع في أوله لمئات الآلاف من البنات، لكنه ينتهي بمختنق لا يتسع إلا لبضع آلاف، أما البقية فالبيت لهن مأوى.
ثم أنظر لعينيها وهي تحلم بزواج يشعرها بأنوثتها وأهميتها، ويمكنها من ممارسة أمومتها وتربية أبنائها تربية صالحة لتسهم في استقرار المجتمع وترفده بأبناء ينضمون لسواعد البناء الشريفة لا إلى معاول الهدم الخبيثة، وهي لا تعلم أنها تعيش في مجتمع ذكوري مدعوم في تسلطه مجتمعياً ونظامياً، وأنها قد تكون ضحية لزوج يعاني من سوء في خلقه أو اختلال في عقله يستطيع أن يمارس بحقها كل أنواع العنف والتعسف دون رادع يوقفه عند حده.
بعد أن تابعت النشاط الكبير والفعال للأميرة عادلة بنت عبدالله وأخواتها من السعوديات الناشطات في الشأن الاجتماعي في إطار مؤسسات المجتمع المدني الرخصة، آمنت بأن مجتمعنا بدأ يعي مشكلة المرأة في بلادنا، وبدأ يتخذ خطوات علمية عملية لإعطائها حقوقها وحمايتها من عاديات الزمان وتسلط الذكور؛ وبدأت أرى بوادر تغير الأحوال بما يمكّن ابنتي وغيرها من البنات من تحقيق أحلامهن وطموحاتهن، خصوصاً في ظل الخطوات الجبارة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لمعالجة واقع المرأة السعودية لتكون شريكاً حقيقياً للرجل في التنمية دون أية عوائق.
الأميرة عادلة ابنة خادم الحرمين الشريفين لا ينقصها مال ولا جه لتستمع في حياتها بالتنلق بين عواصم العالم ومتابعة عالم الموضة والعطور والترفيه والديكور وعوالم الخيول والطيور والقطط المدللة، لكنها آثرت خدمة مجتمعها، حيث راحت تتلمس هموم المجتمع وتبذل الجهد والمال والوقت، وتوظف علاقاتها للتصدي لتلك الهموم بالتكامل مع سيدات الأسرة المالكة وسيدات المجتمع السعودي والمتطوعين من الرجال والنساء، فهي عضو فاعل في جمعية النهضة النسائية، وهي عضو داعم في جمعية (إنسان)، وهي نائب رئيس برنامج الأمان الأسري للحد من العنف الأسري وآثاره، وهي مؤسس ورئيس جمعية (سند) لرعاية الأطفال المرضى بالسرطان، وهي رئيس مجلس إدارة مركز السيدة خديجة بنت خويلد التابع للغرفة التجارية الصناعية بجدة، وهي المؤسس والراعي للمؤسسة الخيرية الوطنية للرعاية الصحية المنزلية في المنطقة الغربية وهي أول مؤسسة خيرية من نوعها في المملكة تُعنى بشئون المرضى في منازلهم، وهي في كل ذلك شعلة نشاط وعطاء وتأثيرها على أرض الواقع ظاهر لكل متابع.
لست في موقع تكريم الأميرة عادلة على جهودها التطوعية -وإن كنت في موقع الممتن- فقد كرمتها جهات دولية عديدة، لكن أكتفي بذكر جهود الأميرة عادلة في برنامج الأمان الأسري فقط فهو يكفيها -بإذن الله- عزاً وفخراً، فهذا البرنامج الذي سوف ينقذ آلاف الضحايا من النساء والأطفال من العنف الأسري وآثاره من جهد ويحد من حالات العنف الأسري بالتوعية والرصد والضبط والإحالة للجهات القضائية من جهة أخرى، هو برنامج إنساني لا يشعر بأهميته إلا من يعاني من العنف الأسري الذي تتنوع حالاته، ويخجل المتضررون منه من البوح بمسببيه للأجهزة الحكومية المعنية خوفاً على سمعتهم وسمعة أسرهم، وخوفاً مما هو أشد وأقسى من الجاني الذي لم تردعه في السابق أخلاق ولا نظام، نعم فكم من زوجة تُضرب حتى تنقل للعناية المركزة دون عقاب للفاعل، وكم من طفل يُغتصب من أقاربه ليعاني طول العمر دون رحمة أو علاجه، وكم من بنت ذوت زهرة شبابها وأبوها يعضلها من أجل الاحتفاظ براتبها، وكم من امرأة تُلقى خارج الأبواب بعد ضرب مبرح لتعاد لزوجها الجاني دون عقابن والأمثلة المؤلمة كثيرة لا حصر له.
واليوم ولله الحمد وبفضل جهود برنامج الأمان الأسري وتكامل مع الجهات المعنية التي أبدت هي الأخرى تعاوناً كبيراً للتصدي لهذه الظاهرة المشينة والمسيئة لمجتمعنا فإن النظام يتطور، والإجراءات تُفعل وتتكامل، والقدرة على الضبط تزداد كفاءة، والعقوبات على الجناة تنفذ، والأمل معقود على هذا البرنامج أن يوجد ثقافة راقية للتعامل الأسري، فكلنا يعلم أن النظام القوي والتطبيق الحازم يولد الثقافة الإيجابية بمرور الوقت.
ختاماً حفزني تعليق إحدى المشاركات في موقع إلكتروني تقول مخاطبة ترابها: (ألم أقل لكنّ أنه مجتمع لا يستحق أن تنتسب له هذه الشخصيات الرائدة والمتميزة) وذلك تعقيباً على تعليق غير لائق من مشارك آخر ادعى على الأميرة عادلة إدعاءات كاذبة، وأود أن أقول لهذه المشاركة: إننا نستحق كمجتمع سعودي جهود الأميرة وأخواتها وإخوانها من الناشطين في خدمة المجتمع، ونحن نكن لهم كل الشكر والتقدير والامتنان ونسأل الله أن يجزيهم عنا خير الجزاء، ونقول لهم: واصلوا العمل، أما من يشمر عن ساعديه ويطلق للسانه وقلمه العنان للطعن على العاملين في أمور الصالح العام، فهؤلاء موتورون سوف يتجاوزهم الزمن.