لقد تلقَّيتُ عبر وسائل الإعلام المقروءة نعيَ وفاة الشيخ/ أحمد بن محمد زيدان، وكيل وزارة البرق والبريد والهاتف سابقاً. تلقيته يوم الأحد الموافق السادس من شهر محرم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة... فقد توفي عن عمر يناهز التسعين سنة في أحد مستشفيات زيورخ في سويسرا، وأدت جموع غفيرة من المصلين الصلاة على روحه الطاهرة في المسجد الحرام عقب صلاة الظهر، وشيعه محبوه من أقربائه، وأصدقائه، وزملائه الذين حضروا التشييع من داخل مكة المكرمة وخارجها لتقديم واجب العزاء لأبنائه الذين وجدوا لوالدهم الحضور المتميز، والذكر الطيب، والتاريخ المشرف... رحل الزيدان بعد معاناة من المرض ألزمه السفر طلباً لمواصلة العلاج صابراً ومحتسباً على مصيبته مصيبة المرض الذي ابتلي به إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها؛ فأحدث رحيله جرحاً غائراً في أكباد أبنائه وحزناً مؤلماً في قلوب أقربائه، وجيرانه، وزملائه؛ لأنه كان علماً من أعلام بلادنا الذين امتازوا بوطنيتهم وحبهم لولاة أمرهم الذين يقدرون خدماتهم التي وصل صداها منذ أكثر من ستين سنة إلى خارج مسقط رأسه.. فقد خسرت بلادنا رجلاً من رجالاتها البارزين في المجال الوظيفي الذي بقيت أعماله منذ هاتف أبو هندل الذي يعد الوسيلة التي أدخلت في مختلف المناطق في أزمنة مبكرة. نعم المواطن الصالح الذي أرث بصمات وظيفية في ذاكرة المواطنين الذين يقدرون الأعمال الوطنية التي تخدم المواطن في مختلف أرجاء بلادنا... فالزيدان عمل في الاتصالات السعودية مع بداية تأسيسها وترك إرثاً وظيفياً يتحدث عن خدماته التي تُعدّ من أفضل الخدمات التي قدمها لآلة تُعدّ من عصب التواصل بين رجال الدولة والمواطنين وغيرهم من الذين يستخدمون الهواتف الذي أعطاها جلّ اهتمامه، ووقته، وخبرته. كما أنه مدرسة في مجال الاتصالات استفاد من خدماته أعداد كثيرة من الموظفين الذين عملوا معه، ومرجعاً لأجيال من الذين عاصروه، ورائداً من رواد الاتصالات منذ بدايتها... فقد تدرج في العمل الوظيفي إلى أن وصل وكيل وزارة حظيت أرشفتها بخدماته وخبراته الوظيفية. هذا ومن الصعب عبر هذه السطور تعداد مناقبه الوظيفية لأكثر من ستين سنة، فإنه كان حاضراً في وطنيته ومكانته الوظيفية، أبقت ذكراً طيباً في الأوعية الإعلامية، فقد قدم إلى منطقة القصيم سنة «ثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة» في مهمة عمل، تحدث عن المنطقة وعن أبنائها وأميرها، فقد حصلتُ على قصاصة كتبت في جريدة القصيم متحدثاً عن التسهيلات التي حصل عليها والفريق المرافق من المهندسين لتوصيل خدمة هاتف أبو هندل، ولا زالت زيارته باقية في ذاكرة كبار أبناء المنطقة. فدق كتب في جريدة القصيم(*) المربي الفاضل الشيخ/ محمد بن عثمان البشر -أطال الله في عمره- حواراً صحفياً مع الراحل أحمد زيدان جاء فيه الآتي:
«لقد أعجبت وزملائي بالروح التقدمية التي لمسناها في القصيم، التي تعمل جاهدة على تطوير المنطقة اجتماعياً، وثقافياً، واقتصادياً. كما شعرنا باعتزاز بهذه الثروة المائية التي منحها الله لهذه المنطقة التي لو أحسنت وسائل استغلالها، وتصريف حاصلاتها الزراعية لكونت لهذه المملكة رصيداً ضخماً إلى جانب رصيدها من البترول، ولا يفوتني أن أشكر جريدة القصيم على عنايتها، كما أشكر أهالي القصيم وخاصة أهالي بريدة للحفاوة البالغة التي لقيتها وزملائي من كل فرد منهم، والحفاوة التي بلغت حد التنافس في إكرامنا، وأرجو أن تتاح الفرصة لزيارة هذه المنطقة مرة أخرى لبحث خطط جديدة لتطويرها فيما يتعلق بأعمال المصلحة، كما أنني باسم وزارة المواصلات نشكر سعادة أمير المنطقة على حفاوته بنا وإكرامه لنا، وللتسهيلات التي قدمها لنا في عملنا، والتي لولاها لم يتسنَ لنا إنجاز التصميمات للشبكة».
- بريدة - نادي القصيم الأدبي(*) جريدة القصيم - العدد (50) في 3-6-1380هـ