أقامت خميسية الجاسر الثقافية ندوة تأبين للمؤرخ والمفكر الدكتور عبدالعزيز الدوري الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى ظهر يوم الجمعة 13 ذي الحجة 1431هـ الموافق 19 نوفمبر 2010م في العاصمة الأردنية عمان، بعد عمر ناهز الـ92 سنة كانت حافلة بالعطاء والإنجاز العلمي والفكري. وقد أدار الندوة د. عبدالعزيز بن ناصر المانع وشارك فيها كل من: الدكتور عزالدين موسى والدكتور عبدالعزيز بن الهلابي الذي افتتح ورقته بالحديث عن مولد «الدوري» في العراق مقدماً نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية وطموحاته وأهدافه التي تركزت في ترسيخ النظرة القومية، وبناء إحساس ثابت بالعمق التاريخي للعروبة سواء من خلال التدريس والتأليف أو من خلال المحاضرات العامة أو حتى ممارسة النشاط الإداري، فقد تأسست له مكانة مرموقة وإعجاب عميق لدى كل من تعامل معه. وأشار في ورقته أن «الدوري» عاد إلى العراق لدراسة التاريخ في كلية المعلمين، ثم ساهم في تأسيس جامعة بغداد بحيث أصبح عميداً لكلية الآداب والعلوم فبذل جهده باختيار أفضل الأساتذة من العراقيين والعرب والأوربيين، وذكر من العراقيين رفيق دربه العلمي صالح أحمد العلي. وعن عودته إلى جامعة لندن بصفته أستاذاً زائراً في سنة 1955-1956م، ثم أستاذاً زائراً في الجامعة الأمريكية في بيروت 1959 - 1960م. ورئاسته لجامعة بغداد خلال سنتي 1963م - 1968م، وذكر ما يتميز به «الدوري» من بين الباحثين في التاريخ بمزايا عديدة أبرزها نظرته الشمولية، فهو يرى أن دراسة التاريخ على جزئيات مخلة جداً بفهمه، ويتجلى ذلك في مؤلفاته مثل: «تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع»، و»التكوين التاريخي للأمة العربية»، و» مقدمة في تاريخ صدر الإسلام» الذي يعطي صورة شاملة لتاريخ صدر الإسلام بخطوطه الأساسية، وبما تخلله من تيارات كبرى واتجاهات عامة؛ حيث قدّم توصيفاً لموقف سكان الجزيرة العربية من الدعوة الإسلامية.
ثم تحدث الدكتور عز الدين موسى عن «الدوري» مُشيداً بفكره وجهوده في التأصيل موضحاً أهمية دراسة الدوري للمجتمع بشكل شمولي وهي سمات من سماته في أبحاثه، فقد تحمّل عبء دراسة تاريخ أمته وكتابته وتدريسه معززاً وسيلة البحث والاستقصاء فيه. على أن غايته الحقيقية هي المعرفة في إطار من الموضوعية والمنهجية، فجاءت كتاباته التي وضع فيها خلاصة فكره وتجربته الغنية معيناً لا ينضب، فقد تناول جميع جوانب التاريخ برؤية شاملة، وفكر مبدع واستقراء رصين، متوجاّ ذلك بخلق رفيع.
ثم فُتح المجال للمداخلات التي أثنى فيها المشاركون على المؤرخ «الدوري» وترحموا عليه مشيدين بجهوده في تأسيس جامعة بغداد ومساهمته في وضع أسس جامعة الملك فيصل لما لديه من خبرة ثرية ورؤى ثاقبة، وقد تبنّى مركز حمد الجاسر الثقافي فكرة تأليف كتاب عن «د.عبدالعزيز الدوري مؤرخاً» تكون هذه الندوة نواة له.