لم تعد سوى أيام قليلة ويتم الاستفتاء على انفصال جنوب السودان عن شماله، ففي التاسع من يناير «كانون الثاني» من العام القادم -أي بعد أسبوعين- سيجري الاستفتاء، والمعروف نتيجته أصلاً، بعد أن عملت الحركة الشعبية ومنذ أعوام على تحقيق الانفصال، إلى درجة التخلص من قائد وزعيم الحركة الشعبية وزعيمها الروحي «جون قرنق» الذي تم التخلص منه بحادث سقوط طائرة، بعد أن أظهر إصراراً على بقاء السودان موحداً، وما أن آل الأمر إلى «سلفاكير ميارديت» وجماعته حتى تسارعت خطوات تكريس الانفصال والإعداد للاستفتاء للحصول على نتيجة واحدة، هي خيار الانفصال الذي سيقود إلى تكوين دولة في جنوب السودان، دولة لا تملك من مقومات الدولة إلا الطموحات السياسية والعنصرية لقادة الحركة الشعبية إذ يؤكد المختصون والمهتمون بالشأن الإفريقي أن الدولة القادمة ستتحمل عجز حكومة الجنوب التي لم تستطع أن تضع أسس الدولة التي كانت تسعى إليها، سوى تحويلها جنوب السودان إلى مستودع كبير للأسلحة إذ سعت إلى تكديس السلاح، رغم ندرة الجنود المحترفين الذين يستطيعون التعامل مع أغلب هذه الأسلحة، وهو ما يثير مخاوف حقيقية من أن تتسبب هذه الأسلحة في قتل مواطني الجنوب أنفسهم بقصد أو بغير قصد بسبب سوء الاستعمال ولهذا فإن المنظمات الإنسانية ومنها اليونسيف والمنظمات المسؤولة عن الغذاء في الأمم المتحدة أصدرت تقارير واضحة عن المصير المظلم المنتظر في جنوب السودان بعد أن يتم الانفصال.
وذكرت التقارير أن 18% من سكان الجنوب يعانون من الجوع المزمن، أما بالنسبة للفقر فإن نسبته بلغت 90% إذ يصل نصيب الفرد هناك دولار واحد فقط، وأن 90% من مواطني الجنوب لا يحصلون على الرعاية الصحية الأولية دعك عن الرعاية الكاملة، ويموت سنوياً 14% من السكان.
ووفق هذه الأرقام، فإن العالم موعود باستقبال دولة كارثية خططت لها الحركة الشعبية لسلخها من كيانها الوطني السودان دون أن تضع برنامجاً جاداً لمواجهة استحقاقات إنشاء دولة تعاني من كل الكوارث التي ذكرتها.