في جيزان، ماتت امرأة في الثلاثين من عمرها حزناً، بعد أيام من وفاة زوجها في حادث مروري. وفي الدمام، رمى إمام جامع متقدم في العمر، زوجته وأم أطفاله الخمسة في ملحق مسجد مقام في منطقة عمالية تشتهر بمخالفاتها الأمنية في مجال صناعة الخمور والخطف والقتل، وذلك ليخلو له الجو مع زوجته الجديدة، التي استأجر لها شقة مفروشة.
وفي تعليق على الخبر الأول، كتبت سيدة: والله لو يموت زوجي لأسوّي حفلة ! وهناك من علّق على الخبر الثاني قائلاً: يا كثرهن اللي يستاهلن نجدعهن بالملحق ! وفي الخبرين والتعليقين، يقف المراقب لمجتمعنا حائراً. فهناك قصص تراثية ومعاصرة، تحمل في طياتها وفاءً نادراً، وقصص أخرى تجعلك تفطس من الضحك، لكمية النذالة المطروحة فيها، سواءً من جانب الزوجات أو من جانب الأزواج. وأظن أن مثل هذه القصص يجب ألا تحيِّر المراقبين ولا حُكَّام الساحة! فمعروف أن كل مجتمع فيه الصالح والطالح، فإذا أردت أن تقول إن هذا المجتمع سيئ، فما عليك إلا أن تستشهد بالطالح، وإذا أردت العكس، استشهد بالصالح.
هذه المرأة الجيزانية، أليست رمزاً لنسائنا ؟! هذا الإمام الدمّامي، أليس رمزاً لرجالنا ؟!
هذه السيدة التي تريد أن تحتفل بوفاة زوجها، وهذا السيد الذي يستكثر ملحق مسجد القتلة والخاطفين كنهاية لزوجته، أليسا من نسيج مجتمعنا المتناقض؟! الإجابة هي نفسها في كل الحالات: بلى، إننا كل هؤلاء. ولا يجب أن نزهو بجانب، أو نتفشل من جانب. حياتنا هي دوماً خليط يحكمه الظرف الموضوعي. فالوفاء هو محصلة طبيعية لحياة الحب والصدق، والجحود ونكران الجميل هو ناتج طبيعي لحياة الخداع والكذب والنفاق.