أخي د. خالد مشكلتي أنني كنت في السابق وقبل ستة شهور أوأكثر من الأشخاص المرحين والمتفائلين وكنت أحب الخروج والسفر والمشي في السوق لساعات ومناقشة الآخرين وسماعهم والنشاط، أما الآن فأنا لا أحب ذلك كله وأحس بالملل والطفش من الحياة وضيق في الصدر وأحيانا أريد ان أموت وطفشت حتى من أمي وأخواتي_هل للسن التأثير أم بسبب أني أصبحت مدرسة من حوالي سنة. فهناك حادث أصبت به وهو أنني في المدرسة آكل كثيرا وفي البيت أنام ولا أعمل ومرة شربت قهوة بكثرة وعندما رجعت للبيت أصبت بالارق والخفقان فخفت وقلت: إن هذا عين أوسحر وصرت أوسوس كثيرا وبدأت المشكلة. الآن خف ذلك الوسواس بالحسد لكن لا أحس بالسعادة ولا أستطيع البكاء كما في السابق ولم أعد مثل الطفلة دلوعة وتمرح وتبكي كثيرا لم تسعدني الأموال التي حصلت عليها من الوظيفة؟
ولك سائلتي الفاضلة الرد:
يبدو أن وصولك أختي الكريمة لسن الثلاثين دون زواج شتت أفكارك وأصبح يعمل فيك ليل نهار فاستنزف طاقتك وفتت قدراتك وقلل من صلابتك تجاه مواجهة الأحداث، والزواج أختي الكريمة أمر مقدر ويقسمه الله بين عباده والمرأة لاتملك إلا فعل السبب من دعاء وتحسين الأخلاق والاعتناء بالمظهر حتى تقع العين عليك وأنت متى ما بذلت السبب واستفرغت الجهد فلم يقدر لك الزواج فلا تجلدي نفسك على أمر لاحيلة لها به، بل توقعي أن خيرا قريبا سيأتي وفرجا جميلا ستعبق به حياتك... أختي الكريمة إن أردت حياة هانئة فلا تعلقي سعادتك على أمر بعينه ولا تجعلي من الزواج مصدرا وحيدا للسعادة، فإن آلاف المتزوجات يعشن حياة همّ وألم، فالسعادة ليست مرتبطة بالزواج أوالوظيفة وإنما بدرجة الرضا الداخلي الذي نعيشه ومدى كفاءتنا في تلمس المواطن الإيجابية ومهارتنا في تقدير الموجود والاستمتاع به......
وأما عن إفرازات ذاك الموقف البسيط الذي مررت به عندما شعرت بخفقان وغيره من أعراض طارئة وتضخمه في عقلك في الباطن حتى إنه وصل لحد السيطرة التامة عليك فبقاؤك مكتوفة اليد دون تحرك يعني أن يستوطن القلق داخلك وأنصحك بمهارة جميلة للسيطرة على القلق هي استدعاء الشيء المقلق من اللاوعي إلى الوعي ومن ثم مواجهته وحسم أمره اقطعي الشك باليقين واذهبي إلى احد مراكز التشخيص واعملي تحليلا كاملا وعندها ستقوم الحقائق بصفع تلك الأفكار السلبية وسترين أن ما كنت عليه مجرد وهم لا أكثر، وأما الخوف من الحسد فلا يمنعه أيتها الفاضلة إلا المواظبة على ذكر الله والاستعاذة من شر الحاسد، فإن هذا الذكر أكبرحماية وأقوى حصانة لإنسان من شر الحساد والفجار.كما أنصحك بنصيحة سيد ولد آدم اللهم صل وسلم عليه لابن عمه عبد الله بن عباس فقال له بلسان الناصح المحب: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاسْتَعِنْ بالله، واعلم أن الأمة لواجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولواجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام، وجَفَّت الصحف.
وأخيرا الله الله بالتوكل والاعتماد التام على الله - عز وجل - فإن هذا التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يُطِيق من أذى الخلق، وظلمهم، وعُدوانهم، قال تعالى:
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
وجاء في الأثر: «لوتَوَكَّل العبد على الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ، وكَادَتْه السماوات والأرض، ومن فيهن، لجعل الله له مخرجًا من ذلك، وكَفَاهُ ونَصَرَه».
وفقك الله ورزقك الصالح من عباده.
شعاع
لا تدع قطار حياتك يتوقف كثيراً على محطة اليأس.