معرض الفن السعودي المعاصر الذي افتتح الأسبوع قبل الماضي على شرف معالي وزير الثقافة والإعلام في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض ونقل حاليا إلى صالة المعارض بمقر الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بمركز الأمير فيصل للفنون لا زال يستقبل زواره وبشكل يمكن القول إنه جيد يشير إلى وجود اهتمام كبير من قبل المهتمين بالفنون التشكيلية من المثقفين والمتذوقين ومن طالبات وطلبة أقسام التربية الفنية، المعرض بشكل عام يعد من المعارض المتميزة مقارنة ببعض ما يقام هنا وهناك في مختلف مناطقنا الحبيبة، وذلك لحرص المعنيين به ولاعتباره خلاصة التجارب التشكيلية على مستوى المملكة، والحقيقة التي لا يمكن أن تغيب عن المتابعين تبرز في تطور هذا المعرض بعد أن مر عليه فترة من الركود أو التراجع في المستوى العام في الأعمال مع ما يمكن أن يشاهد من أعمال رغم قلة عددها لم تصل الى المستوى الذي ظهر على غالبية الأعمال.
مشاركات كشفت توقف البعض
المعرض اشتمل على عدد كبير من الأعمال لمختلف الأعمار والأساليب مع أن فئة الشباب هي الغالبة والأكثر تجددا في تنفيذ أعمالهم وابتكاراتهم وبحثهم عن سبل التطوير لتقنياتهم في جانب الموضوع أو التنفيذ مع بعض الأعمال التي تميل إلى الجانب الجمالي أكثر من الفكرة والبعض يركز على التقنية وتعدد الوسائط أو سبل التنفيذ، أما الأكثر لفتا للنظر فهو في وجود أسماء البعض منها كان غائبا عن الساحة وعاد بمستواه السابق ومنهم من تحرك وبحث وجرب إلى أن سار بخط متواز مع فئة الشباب مع حضور لخبراته السابقة التي يمتلك بها زمام المنافسة منهم الفنان علي الصفار وابراهيم الفصام وغيرهم، والواقع ان في حضور أولئك الفنانين ممن توقف او من لا زال يحمل تجربته ومحاولاته كان الأجدر ان يكون لهم معرض مستقل تجمع فيه وكالة الوزارة للشئون الثقافية كل الفنانين السابقين في البدايات وممن يعتبرون رواد انطلاقة الفن السعودي لإعادة تجربة سابقة قامت بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحت اسم معرض كبار لفنانين مع التحفظ على الاسم مع أنه يعني أصحاب المسيرة الطويلة والحضور المبكر في الساحة فليس هناك كبار او صغار بقدر ما هناك فنانون سابقون وأجيال لاحقه، وبذلك يمكن حفظ حقهم وتقدير مسيرتهم.
الفنون الرقمية قطرة في بحر
لا شك أن حضور الفنون الرقمية كان جميلا وملفتا للنظر أيضا الا انه كان كالغريب بين بقية الأعمال الأخرى المنفذة بطرق وأساليب معروفة في مجال الفنون التشكيلية، ومثل هذا الحضور كان عليه تحفظ وردود فعل في احد البيناليات بمصر الشقيقة اذا اعترض البعض على وجودها في البينالي ونحن هنا لا نرفض او نعترض ولكننا نرغب ان يكون لها كيانها وحقها الذي يبرزها بشكل اكبر بأن يقام لها معرض خاص مع أن اسم المعرض (الفن السعودي المعاصر) يشمل مختلف الفنون، وهناك ايضا معرض قادم للاعمال الفراغية او المفاهيمية التي تتيح للمشترك استخدام مختلف السبل لابراز الفكرة، ومنها الوساط الملموسة من مختلف الخامات او المرئية كالفيديو آرت وايضا الفنون الرقمية، وهنا يمكن أن تصبح هذه الاعمال ضمن المعرض القادم.
لقد كانت تلك الأعمال بمثابة قطرة مطر عذبة ذابت في بحر بقية الاعمال فاختلط الماءان..
تشابه وتقارب في الأساليب
الملفت لنظر أيضا في هذا المعرض وجود كم كبير من الأعمال تشابهت فيه العناصر والتقنيات فأصبحت كالمستنسخة مع شيء من التعديل والتصرف وقد كانت بداية تلك التجربة منطلقة من الفنان زمان جاسم الذي استوحاها من تجارب سابقة استطاع ان يخرج منها بذكاء بتقنية وطرق مسجلة باسمه نوع في طرحها بخامات وبوسائط عدة كان أبرزها ما فاز به من أعمال في مسابقة السفير الثالثة، هذا الأسلوب او تلك السبل من التنفيذ ظهرت بشكل واضح في أعمال نخبة من الشباب مما يدل على اننا لا زلنا ندور في حيز ومحيط محلي قد يراه البعض اعجابا، وقد يرى تبعية أو تقليدا ومع هذا وذاك فالامر طبيعي الا حينما يواصل المقلد او التابع او المعجب تكرار نفسه وعدم التخلص نحو التفرد وتطوير التجربة.
العالمية أصبحت بوابتها متاحة
الفن السعودي المعاصر اسم كبير ومهم وتشريف معالي الوزير لافتتاحه رغم مشاغلة يؤكد اهميته وموافقة المقام السامي بسعي من وزارة الثقافة لتسهيل سبل وصول هذا الفن الى العالمية والمتمثل في مشاركتنا في بينالي البندقية يعني ان بوابة العالمية قد فتحت والكرة في مرمى التشكيلي بأن يسعوا في قادم الايام لتقديم لجديد المعاصر بمعنى الكلمة دون تخل عن الهوية والانتماء لثقافتنا وقيمنا ومبادئنا التي نعتز بالتعريف بها عبر تمسكنا بها في كل شيء.