جدة – صالح الخزمري
أشار الأستاذ الدكتور محمد راشد الفقيه جراح القلب السعودي إلى النقلة الكبيرة التي حصلت للقطاع الصحي، بالمملكة من بداية السبعينات إلى اليوم، معتبرا أنها نقلة كبيرة جدا، واستيعابها صعب، وقد أدى توسع المملكة في الابتعاث إلى رجوع المئات وقد يكون الآن الآلاف من الأطباء المتخصصين في مختلف التخصصات، وتمنى أن يكون التقدم والتطور مستمرا، وعن تخصص القلب، لاحظ الدكتور أن المملكة فيها نقص في جراحة القلب، وبالذات في جراحة قلب الأطفال.
د. الفقيه ليلة الاحتفاء باثنينية خوجة عرج على مواقع عمله بالقطاع الصحي بعد عودته إلى المملكة وتخرجه من كلية الطب. وفي معرض إجابته على سؤال عن الخدمات الصحية في المملكة قال: تطورت تطورا كبيرا، ومن مظاهرها انخفاض وفيات الأطفال، وارتفاع معدل الأعمال، ووجود جميع أنواع العلاج والتشخيص.
وعن العلاقة بين أمراض القلب العضوية، وأمراض القلب المعنوية مثل الحسد والحقد والبغض قال طبعا الجواب الاعتيادي الذي كان ولازال عند الناس أن لا علاقة بين الأمور العضوية في القلب كالإصابة بالعيوب الخلقية للقلب، والصمامات والشرايين، والحسد والحقد، ولكن، في الدراسات الحديثة، التي عملت على وجود علاقة فعلية بين الكآبة والضغط النفسي على حصول أمراض الشرايين، هذه الآن أصبحت حقيقة علمية، السبب في تأخر وصول العلماء لها هو صعوبة قياس هذه الأشياء، كيف تؤثر، هناك هرمونات تفرز داخل الجسم تؤدي إلى اختلال توازن الدورة الدموية، فوجدوا أنه لا يستطيع الإنسان أن يبعد عن نفسه الكآبة والضغط النفسي، ولا يستطيع أن يقلل تأثيرها، ولكن حينما يقلل أسباب هذه تقل تعرضه للكآبة الدائمة، كل الناس تمر عليهم ظروف يكونون كئيبين فيها، ولكن موضوع الحسد والحقد يؤدي إلى تولد الهم لديه مما يولد بدوره الكآبة والضغط النفسي.
وفي رده على سؤال حول نسيان مريض زرع له قلب من جسد آخر ذاكرته، وما كان قد حفظه من قبل. أجاب الدكتور أنه ومن خلال الملاحظة الشخصية ليس هناك من تغييرات شيء، ربما تتأثر الذاكرة كثيراً أو قليلاً من خلال الدورة الدموية، وجريانها.
من جانبه أشاد عبد المقصود خوجة بالمحتفى وقال: . ضيفنا الكريم هو حبيب القلوب، وطبيبها، له من علو الكعب في تخصصه ما جعل نجمه يسطع، وصيته يعلو في معاقل الطب العالمية. سار على خطى علماء العرب المسلمين الأولين وأطبائهم الذين شقوا دروب العلم والمعرفة، وعاد بنا إلى أمجاد ابن سينا وابن البيطار والبيروني وابن النفيس، ووصل مع السير بيتر مدوّر عالم المناعة والحائز على نوبل في عام 1960، والدكتور مجدي يعقوب الذي طور صماماً للقلب باستخدام الخلايا الجذعية، إلى عاليات الذرى. كُتب وقيل عن مسيرته وإنجازاته الشيء الكثير، لا تبدأ بأنه الأجنبي الأول الذي تخرج من جامعة هارفارد وزارها أستاذاً، ولا بأنه أول جراح عربي يقوم بعملية زراعة قلب، ولا تنتهي بأنه أطلق جائزة مالية سنوية للأبحاث الطبية يدفعها من جيبه الخاص.
وأضاف خوجة لقد عرف عن ضيفنا الكبير، ولاؤه ومحبته لوطنه وشعبه، رغم أنه ولد وتربى خارجه، واشتهر بصمته وابتعاده عن الأضواء والنجومية، رغم أنه أهل لها. أتقن لغة سرية مكنته من التواصل مع مرضاه، يمكن أن نطلق عليها لغة المشاعر الإنسانية، ويسميها لغة «الحكمة». حطم صورة الطبيب النمطية، واستبدلها بصورة أخرى اجتمع فيها الإنسان، برجل العلم، وبالشاعر، ولا غرو، فقد ترعرع في بلاد الرافدين، وتنفس من إبداعات الجواهري، والبياتي، والرصافي، والسياب، والحيدري، وغيرهم..
الدكتور حمود أبو طالب قال عن د. الفقيه إنه لا توجد مرجعية عالمية إلا وهو أحد رموزها الضخمة، ولا توجد مكتبة طبية ألا وهي زاخرة بأبحاثه وابتكاراته في جراحة القلب، الجراح الذي مهر بإمضائه شهادات الآلاف في هذا التخصص في معظم دول العالم، من القلة القليلة التي منحتها أعرق جامعات العالم درجة الأستاذية خارج محيطها، الجراح الذي نال الأوسمة وحاز الشهادات التقديرية فلم تزده إلا تواضعاً وتصالحاً مع النفس ومزيداً من الإخلاص في العمل. ويكفيه أنه لم يلهث وراء البريق ولم تجذبه غواية الأضواء رغم أننا لم نعطه القليل مما يستحقه.
فيما قال عنه الأستاذ طارق القصبي: الدكتور محمد راشد الفقيه: (عرفت منه حبه للعلم، ورغبته الجامحة في أن يصبح طبيبا وجراحا للقلب منذ صباه ونحن وقتها لم نكن نعرف تخصصاتها الفرعية، وقد كان حريصا على أن يجعل كل همه في التحصيل والاستزادة، لكي يكتسب من الخبرة والمهارة الطبية، حضرت له تكريما له في جامعة هارفارد بمناسبة تعيينه أستاذا زائرا في الجامعة، ولفت نظري أنه بعد مراسيم الحفل طلب منه رئيس قسم جراحة القلب أن يخصص نصف وقته لزيارة قسم القلب في الجامعة، وهذا في حد ذاته يعتبر تقديرا علميا ليس بعده تقدير، لأنه كان يرغب أن يسمع منه رأيه في القسم وكيفية تطويره، كما ساهم الدكتور محمد من خلال عمله بتدريب عدد من الأطباء السعوديين والعرب في الطب، وتخرج على يده أكثر من عشرة رؤساء الأقسام الطبية في جامعة الملك سعود وغيرها، وأصبح يشار إليهم بالبنان).