فاصلة:

(لا يعدم القبعات صاحب الرأس الجيد)

- حكمة صينية -

ليس من السهل أن تلتقي دوماً بشخصيات إبداعية مميزة لكن من محاسن الغربة أن تمنحك الفرصة لتلتقي بأناس منحهم الله طاقة من العطاء والمحبة ينشرونها أينما كانوا.

كانت ليست محاضرة ألقاها عبد الله بن صالح بن جمعة الرئيس السابق لأرامكو السعودية عن صفات القيادي الناجح في كلية إدارة الأعمال بجامعة مانشستر، بل فرصة للالتقاء بقيادي مبدع.

والحقيقة أنها من أمتع المحاضرات التي حضرتها في حياتي، وقد أمضى الجمهور ثلاث ساعات دون أن يشعر بالملل.

رجل هو يشغل منصب الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة تدير أكبر احتياطي مؤكد من الزيت في العالم وأكبر شركة منتجة للزيت الخام في العالم، لا يمكنك أن تتوقع مطلقاً تواضع هذه الشخصية وإنسانيتها والإبداع الذي يتجلى في تعاملها مع المواقف والآخرين.

لن أتحدث عن عبدالله جمعة الذي أمضى أكثر من 40 سنة في العمل بقطاع الطاقة داخل أكبر شركة نفط في العالم، كان بينها 14 سنة رئيساً للشركة أو عن اختيار مجلة «فورتشن» له عام 2003 كأحد أبرز الشخصيات المؤثرة في مجال الأعمال في العالم، أو عن تعيين المنتدى الاقتصادي العالمي له قائداً لمجتمع الطاقة في يناير عام 2005م، أو اختياره لجائزة أفضل شخصية تنفيذية في مجال البترول لعام 2005م. أو اختياره نائبًا لرئيس المجلس الاستشاري الدولي لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، أو منحه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة هانكوك في سيؤول، أو عن تعيّين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز له كأحد أعضاء اللجنة العليا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في ديسمبر 2007، فتاريخه العملي حافل بالعطاء، لكني أحب أن أتحدث عن عبدالله جمعة الإنسان لأنني أجزم أن من أهم صفات القيادة أن يكون القيادي مدركاً لمعنى الإنسانية.

فأن ترأس أكبر شركة منتجة للزيت الخام في العالم، وتجد الوقت لأن تربت على كتف موظف بسيط أو ترد على رسالة شاب يحلم بأن يكون شيئاً كبيراً، أو تمنح شاباً فرصة لأن يبدأ طريقاً صحيحاً في حياته فهذه خاصية لا يمتلكها جميع الناس.

اعترف أن عبدالله جمعة في محاضرته أسر الجميع بحضور إبداعي متميز، فهو عندما يناقش أي موقف يكون عقلانياً، وعندما يلقي الشعر يتحول إلى خطيب بارع، لكنني كنت أراه في أعظم صفاته إنساناً معطاءً كريماً في احتوائه للجميع لذلك لن يتوقف عطاء عبدالله جمعة بتقاعده بل إنه بدأ من جديد مرحلة أخرى مميزة من العطاء.