لم أكن أريد طرق الموضوع من جديد لو لم أتلقَّ توضيحًا هاتفيًا وعبر الفاكس من مساعد المدير العام لشؤون تعليم البنين بحائل، وهو أمر جدير بالكشف والاعتذار عما ورد في مقالي قبل أمس، وفي الوقت ذاته يثير سؤالاً مهمًا يمكن طرحه على طاولة المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة حائل عن رفض تعديل اسم المدرسة الذي اقترحه مديرها!
من خلال عرض تاريخي موجز اتضح أن الاسم الرسمي للمدرسة الابتدائية بحائل، التي أثارت الصحافة قضيتها خلال هذا الأسبوع، كان (مدرسة حاتم الابتدائية)، وهو ما اعتمده المدير العام للتعليم السابق د. رشيد العمرو، وذلك ضمن ست عشرة مدرسة منوعة ما بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية، ولكن المقاول المنفذ لإعداد لوحات المدارس وقع في خطأ عند الإنشاء عام 1417هـ؛ فعلّق عليها لوحة باسم (مدرسة حاتم الطائي الابتدائية)؛ وبناء عليه فقد بقيت اللوحة وترويسة الخطابات والختم المعتمد وغيرها باسم (مدرسة حاتم الطائي الابتدائية)؛ لأنه لا حاتم في حائل غير ابن الطائي؛ فهو رمز الكرم وعلامة مهمة من علامات الثقافة والتراث في المنطقة.
قبل عامين، في العام 1428هـ، وعند انتقال المدرسة إلى مبناها الجديد تمّ تعليق لوحة جديدة بالاسم الرسمي لها، وهو (مدرسة حاتم الابتدائية)، ولم تُعَد لوحتها الأولى في المبنى القديم. ولأن الطلاب وأولياء أمورهم عرفوا مدرسة حاتم الطائي الابتدائية في جميع أوراقها الرسمية، وفي لوحتها على مدخلها، تقدّم مدير المدرسة في منتصف العام الماضي 1430هـ بخطاب إلى مدير التعليم الجديد د. محمد العاصم، يطلب فيه تعديل اسم المدرسة إلى مدرسة حاتم الطائي الابتدائية، وهو طلب مشروع ومبرّر؛ لأن الهدف من تسمية المدرسة هو تخليد شخصية حاتم الطائي، إلا إذا كان هناك حاتم آخر تشتهر به حائل! ومن جهة أخرى أن جميع الأوراق والمستندات القديمة والطلاب المتخرجين كانوا من مدرسة حاتم الطائي، وهو أمر بسيط يمكن للمدير العام للتعليم الموافقة عليه، لكن المدير العام رفض ذلك بخطاب رسمي، وأكد على المدرسة اعتماد الاسم المعتمد سابقًا في جميع مراسلات وخطابات المدرسة وكذلك أختامها، دون أن يبرر ذلك بسبب مقنع، كأن يكون هناك في المنطقة اسم مدرسة مطابق، وهو السبب الوحيد لرفض طلب المدير!
من هنا، ومع كل تقديري للمسؤولين في تعليم منطقة حائل، لا أرى سببًا مقنعًا لرفض طلب مدير المدرسة تعديل الاسم، بل إنه ليس تعديلاً، إنما مجرّد إكمال اسم حاتم الطائي، بوصفه شخصية كرم ومروءة ارتبطت بالمنطقة، إلا في حالة تلافي تكرار الاسم في مدرسة أخرى داخل المنطقة؛ فما أعرفه جيداً أنه لا يوجد في حائل سوى ابتدائية حاتم في حي أجا؛ وبذلك فإن هذه المنطقة هي أجدر مكان لتسمية حائل الطائي؛ إذ ليس معقولاً أن يكون هنا في الرياض مدرسة ابتدائية باسم حاتم الطائي، بينما تتنكّر حائل لهذا الاسم فقط تلبية لرغبات حفنة من المتنطعين والمتشددين!
قد يقول قائل: لِمَ كل هذا الضجيج حول مجرّد اسم مدرسة؟ فأقول: إن الأمر أكبر من ذلك بكثير، وهو أمر مرتبط بخضوع جهاز مهم ومؤثر في حياتنا وتربية أجيالنا كوزارة التربية والتعليم وإداراتها العامة في المناطق إلى تيار صغير يقودها إلى الغلو والتشدد في زمن تسعى فيه البلاد إلى التسامح والانفتاح على العالم!