لقد واجه اليهود عبر مراحل التاريخ شتى أنواع الاضطهاد والكراهية، فقد طردهم الفرنسيون من بلادهم، وحرمتهم إسبانيا من دخول بلادها، وفي ألمانيا أحرق عدد كبير منهم في أفران الغاز (الهيلكوست).
أما في بلاد الإسلام فقد كان الوضع مختلفا بالنسبة لهم، فقد كفل الإسلام لهم حق الحرية وصيانة المال والعرض، وكانوا يجدون في البلاد الإسلامية المعاملة الطيبة، ويعتبرونها الملجأ الآمن لهم وها هم اليوم يفتكون بالشعب الفلسطيني.
عندما شاخت الدولة العثمانية وأطلق عليها اسم (الرجل المريض) نقل زعماء الصهاينة نشاطهم إلى تركيا لمحاولة إقناع السلطان عبدالحميد الثاني بالسماح لهم بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، لكن السلطان قابلهم بالرفض الشديد، وبالتالي استطاعوا خلعه ونفيه إلى (سلانيك) سنة 1909م، وقتله على أيديهم.
إن من يقرأ التاريخ يتضح له كيف اجتاح نابليون بونابارت أوروبا سنة 1804م، وأعلن نفسه أمبراطورا، وفي هذه الأثناء كان الصهياينة يعملون في الخفاء، وأخذوا يحركون المؤامرات ويبذلون قصارى جهدهم لجني الأرباح الفاحشة من الحروب ومعاملات الربا، وكانت وسيلتهم إلى ذلك هي السيطرة على صناعة السلاح، وشراء المناجم وامتلاك مصانع المواد الكيماوية، وبينما كانت الأمور تسير لصالحهم كان نابليون يزداد ضعفاً بسبب الخراب الذي ألحقوه بخطوط الإمداد، ومنع وصول الدخائر والطعام إلى جيوش نابليون، وكان من نتيجة ذلك إجبار نابليون على التنازل عن العرش، ونفيه إلى جزيرة (البا)، وهروبه من هناك، ومحاولة استرجاع سابق مجده، لكن الصهيوني ناتان روتشيلد الثري قام بدعم ألمانيا لمنازلة نابليون وإلحاق الهزيمة به.
خلال هذه الصراعات كان الصهاينة يصطادون في الماء العكر لجمع مزيد من الثروات والأموال خلال الحروب التي أشعلوها بأنفسهم ضد الشعب الفلسطيني.
لقد كانوا (قوى خفية) يتحكمون بمصائر كثير من الدول، وكان لهم الدور الأساسي في الضغط على بريطانيا حيث أعلن الصهيوني أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا، وعد بلفور، ويؤكد كثير من المؤرخين أن الذي صاغ مسودة الوعد المشئوم هو الصهيوني المليونير روتشيلد نفسه، وكان بلفور يؤكد دائماً - لإقناع زملائه الوزراء - بأن الوقوف إلى جانب اليهود سيحقق لبريطانيا مكاسب جمة بين أوساط الأثرياء في أمريكا، وروسيا، والنمسا، والدول الأخرى التي يتواجد فيها أقليات يهودية ثرية.
إن الخطط والسياسات والجهود التي بذلها الصهاينة الناشطون في أنحاء كثيرة من العالم، مكنت إسرائيل من أن يكون لها الدور الفاعل للمضي في رسم سياستها، وإملاء شروطها ورغباتها على الدول الكبرى، وهيئة الأمم المتحدة، وها هي اليوم تمتلك القوة النووية، وتحظى بتأييد أمريكا وبريطانيا بالسر والعلن، لإبادة وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، ومن أجل ذلك اقترفت إسرائيل منذ الاحتلال 34 مجزرة أمكن تسجيلها تاريخياً. هؤلاء هم الصهاينة الذين يمسكون بزمام الأمور في أمريكا، وأوروبا.
- الرياض