ليس المقصود من الصلاة أداؤها فحسب، بل مقصود الشارع الحكيم أعمّ من ذلك وأشمل، ولهذا المأمور في الصلاة إقامتها، ففي كلام الله عز وجل: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما عدَّد أركان الإسلام: (وإقام الصلاة)، وعليه فإقامة الصلاة تشمل القيام بشروطها وأركانها وخشوعها والمحافظة على أوقاتها ومراعاة سننها وآدابها، وكلما أتقن المسلم ما سبق كانت صلاته أقرب إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، القائل: (وصلوا كما رأيتموني أصلي)، فهذا الاقتداء كما هو شامل لصفة الصلاة الحسية، فهو شامل أيضاً للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في خشوعه وطمأنينته في صلاته.فالخشوع في الصلاة، هو لب الصلاة وقلبها النابض، وبدونه أو بفقد بعضه، يقل أجر المصلي، ولهذا نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المضمون بقوله في الحديث الصحيح: (إن الرجل ليصلي الصلاة ولعله لا يكون له منها إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها أو سدسها حتى أتى على الصلاة)، وفي روايةٍ أخرى (إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها). قال أهل العلم: والمعنى أن الرجل قد ينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا عشر ثوابها أو تسعها أو ثمنها.. إلخ.وتكمن أهمية الخشوع في أنه عبادة جليلة، وقربة عظيمة، وصفة من صفات المؤمنين المفلحين، كما قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} وهو اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبه يتحقق للمسلم الراحة والطمأنينة والتفكر والتدبر، فتسكن نفسه ويخشع فؤاده ويطمئن قلبه وينشرح صدره، ويتحقق له من صلاته، ما أخبر الله عنه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}.
المدير التنفيذي لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها