ليس الجاهل الذي تجرّد من الحصول على الشهادات العليا في مقاعد الدراسة، ولكن الجاهل الحقيقي من جهل مصلحة نفسه وما يُصلحها.
إن الأمر الذي نسلّم به ويُسلّم به الجميع أن العلم سلاحٌ المسلم في هذه الحياة الدنيا ومن خلاله يفقه أمور حياته، ولا أظن أن أي أحدٍ من الناس يقلل من أهمية العلم إلا من جهل وغالط نفسه. ولقد حث الله عباده على التزود من العلم في آيات كثيرة من كتابه الكريم، وكذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو أصحابه ويستحث أمته على تحصيل العلم.
إن المسلم ولو لم يحصل على الشهادات العليا في الدراسة مؤهل لأن يكون من أفضل عباد الله إذا كان له رصيد في طاعته لله وإذا امتلك كنز الإيمان واستنار بنور القرآن، ولم يذكر الله سبحانه وتعالى عندما أخبر بأن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من خير أمة أخرجت للناس أن تلك الخيرية بالشهادات العليا والتفوق في الدراسة، وجاء في الحديث: (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره)، وهذا لا يعني أننا نهمش ونقلل من أهمية الحصول على أعلى الشهادات، بل ندعو الناس لذلك ونحثهم عليه.
إن الإنسان المسلم يرتقي في هذه الدنيا ويبلغ الدرجات العلى في الآخرة بما لديه من الإيمان بالله والعمل الصالح، لا بما لديه من الأوسمة والدرجات العلمية والدراسات العليا، ولو جمع المسلم بين الإيمان بالله والعمل الصالح والشهادات العليا فأنعم بذلك وأكرم وهذا هو المطلوب والذي يحث عليه الإسلام كما قال - تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}.وإن من الملاحظ على بعض أولياء الأمور - هداهم الله - اهتمامهم بقضية تعليم أولادهم العلوم النظرية الدنيوية ويحرصون على ذلك ولا يهتمون بتربيتهم التربية الإيمانية التي هي الأساس، وبسبب ذلك يخرج لنا جيلٌ بلا إيمان ولا أخلاق ولا مبادئ لا تكون حالهم بعيدة عن الذين قال الله فيهم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.