طقوس يوم الجمعة التي تجتهد امرأة مشغولة مثلي على إبقائها والحفاظ على تلازمها وغرسها أفسدها إمام أحد مساجد حينا في شمال الرياض.
أنتظر دائماً عودة أبنائي مع والدهم من صلاة الجمعة لنستكمل الطقوس الجميلة -البخور-القهوة - سماع خطبة الحرم- لكن الأسبوع الماضي كان على غير المعتاد، كنت أكتب سلسلة مقالات (تداخل الديني بالاجتماعي في الخطاب الرافض لحضور المرأة) وحين دخل ابني الصغير قال مبتسماً: فاتك يا ماما كلام الخطيب اليوم، يقول المرأة ما يجوز تعمل إلا لضرورة لأن الأفضل ألا تخرج من بيتها إلا إلى قبرها على آلة حدباء محمولة! كنت أود ألا اضطر إلى القول بخطأ الخطيب وإن هذا رأيه الاجتماعي الخاص المرتبط بنظرته للمرأة وماذا تمثل! ليس هذا رأي الدين وإلا ما كنا قرأنا ما قرأنا عن مشاركة المرأة في الشأن العام على مر التاريخ الإسلامي.
كنت أود أن أبقي صورة إمام المسجد مثلما أبقي صورة المعلم نزيهة تحاول بصدق أن تقدم الحقيقة حتى لو جانبها الصواب.
لكن تزييف الوعي المجتمعي باستغلال منابر يوم الجمعة من فئة قليلة للحديث عن آراء خاصة وإلباسها لباس القداسة الدينية لا وسع لي كأم بتكراره مجدداً، لأنني لن أقبل و-كثيرات غيري- وأنا الأم التي تجتهد كثيراً لإبقاء هوية وأصالة أبنائها وارتباطهم بدينهم وقيمهم -لن أقبل- أن يأتي من يزعزع صورتي في أذهانهم حين أخرج لعملي أو أشارك في تنمية مجتمعي.. نحن نفرح لخروج أبنائنا للمساجد، باعتبارها -فضلاً عن أنها واجب إسلامي- مكملاً تربوياً مهماً لنا يساعدنا على إعدادهم للدنيا وللآخرة بشكل جيد.
فهل من عدل القول أن نقول رأياً متشدداً استثنائياً حتى لو قال به قليلون من العلماء وكأنه من المسلمات؟
إن هذا في رأيي مؤشراً على استخدام منبر خطبة الجمعة في نشر اتجاهات غير صحيحة.
في خطبة الجمعة لا يوجد مجال للنقاش والحوار ولا يوجد فرصة للتصحيح، لذا فالحديث -كما أعتقد- يفترض أن يكون حول ما اتفق عليه الناس من قيم وفضائل وترك ما اختلف حوله.
بقي أن أسأل لو كنت مكاني ماذا تفعل؟