سُئل مهندس أمريكى عاش في السعودية عقدا من الزمان بعد عودته إلى بلاده كيف وجدت الشعب السعودي رد: بأنهم شعب جافون وجادون ليس للنكتة طريقا إلى حياتهم.
وإذا تأملنا في مقوله (الباش مهندس) الأجنبي الذي قالها بعد اختلاط مباشر مع المواطنين السعوديين من خلال الشركة التى يعمل بها نجد أنها أصابت كبد الحقيقة فنحن شعب (شايلين الدنيا على رؤوسنا) كل شىء نتعامل معه بجدية وجفاف وإذا أراد أحد منا أن يمارس أسلوب الدعابة فاجأه الجالسون بكلمة (تتميلح) وهو رد يمنع أي إنسان عن التفكير في مزاولة هذه المداعبة مرة أخرى.
والدليل على جفافنا عندما أراد التلفزيون السعودى محاكاة القنوات الأخرى في تكرار تجربة برنامج الكاميرا الخفية مع السعوديين وجدنا أن القائمين على البرنامج قد ووجهوا بالاعتراض من جراء ممارسة الدعابة على بعض ضيوف البرنامج وكانت النتيجة فشلا ذريعا للبرنامج، ودليلا آخر بالصوت والصورة على أننا جافون وجادون ولا مجال للمزح بيننا.
والمشكلة أن حالة الجفاف لا تكون خارج البيت فقط ولكنها في داخل البيت أعمق, فالرجل يدخل إلى البيت مكفهر ويحول البيت إلى حالة صمت مطبق وإذا حاول أحد أفراد الأسرة أن يلطف الجو قذف بكلمات مثل «بلا استهبال أو مستخف دمك».
لكن ظاهرة التبلد الفكاهي التي لازمتنا طويلا بدأت تنقشع مع ظهور البلاك بيرى والتقنية الحديثة فأصبحت كل الظواهر التى نتعرض لها ويتعرض لها حتى المجاورون من الدول تتناول بروح الدعابة وتنطلق النكات عليها بأشكال وألوان مختلفة ويتم تداولها بشكل سريع وقوي.
ولعل من أسباب ذلك التحول الذى حدث لدينا أننا أدركنا أن روح الجدية التى عرفت عنا زمنا طويلا جعلتنا نعيش في معزل عن عالم الضحكة والفكاهة وحولت حياتنا إلى رتابة قاتلة ونمطية مزعجة, وأن التغيير أصاب طريقة فهمنا للأمور وفلسفتنا لها وأن روح الدعابة لن تجعلنا إلا أكثر تفاؤلا وانشراح صدر حتى وإن لم يحدث أي تطوير في حياتنا.
إضاءة
يقول نعيمه: دقيقة الألم ساعة..... وساعة اللذة دقيقة