لما كانت سنة الله في خلقه أن جعل منهم الغني والفقير والقادر والعاجز، فقد قيض الله برحمته ولطفه للناس في كل زمان ومكان من يجد سعادته بمساعدة الآخرين وتطمئن نفسه بذلك حتى يتجاوز بكرمه ظنون المحتاجين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. غير أن هذه الفئة النادرة من الناس تتفاوت في كرمها بين منتظر لمن يسأله فيعطيه وبين من يبحث عن المحتاجين فيسعدهم ويسعد بذلك حتى لكأنه المستفيد حاضراً وليسوا هم، ومن هؤلاء الأفذاذ صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - وأدام على طريق الخير خطاه، فالمتابع لما يقدمه سموه الكريم من دعم في مجالات شتى من سنوات عدة يجد أن له في كل ساحة علماً وفي كل مجال كرماً، فكم من مريض عولج على نفقته وكم من مدين قضي عنه بسخائه وكم من رقبة سلمت من القصاص بشفاعته وكم من حاجة أنجزت بوجاهته.. وهكذا حتى لا تكاد تعرف نوعاً من الحوائج الدنيوية إلا ولسموه مثال يحتذى في قضائها والتفريج لمن وقع في براثنها، حتى حمل راية السبق والريادة في بعض المجالات ولعل آخر شاهدٍ نعرفه (وما أكثر ما لا نعرفه) ما أعلنه سموه الكريم عن تكفله بزواج ألف يتيم ويتيمة على نفقة سموه وبرعايته ليكون مطمئناً على حسن القيام بذلك، واختار مزرعته الطيبة (العاذرية) مقراً لهذا الاحتفال. وبهذه المكرمة الفريدة من نوعها وبهذا العدد المميز بكثرته يكون لسموه قصب السبق في الاحتفاء بفرح هذا الجمع الكبير من الأيتام ذكوراً وإناثاً، فلم يسبق أن تكفل أحد قبله بتزويج هذا العدد الكبير من الأيتام بل ربما ولا غير الأيتام دفعة واحدة، هداه إلى ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فلله ما أعظم سمو بعض النفوس وحبها للنفع المتعدي، وما أجمل بحث أولي الكرم عن مجالات الخير ليكونوا دعاة إليه بفعلهم قبل حديثهم، وكأن لكرم سموه أذنين وعينين يسمع بهما ويرى حاجة الناس فيقضيها قبل أن تطرح عليه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وليس ذلك بمستغرب من سموه الكريم الذي تربى في كنف والده الكريم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -، ونهل منه المواقف الحميدة وكذلك والدته الكريمة التي ما فتئت تشجعه على الخير - حفظها الله -.
ولا شك أن سموه سيسعى فيما يخص هذا الزواج إلى أن تتحقق لكل المشمولين به أسباب السعادة والاستقرار الاجتماعي بعد الزواج، ولا ريب أن ذلك بتوفيق الله عز وجل غير أن فعل الأسباب مطلوب ولا تخفى آثاره الإيجابية ولعل من أهم ما يمكن فعله هو تنظيم دورات تثقيفية لهؤلاء الشباب المحتفى بزواجهم تسبق حفل الزواج تشمل تعريفهم بما يتوجب على مثلهم أن يعرفوه من جوانب شرعية واجتماعية وصحية وغيرها من التوجيهات التي تعينهم على التوافق والتعايش السليم، خاصة أن الأيتام ربما كان البعض منهم أحوج ما يكون لمثل هذه الدورات التربوية، إثر فقدهم لوالديهم وغياب من يقوم بهذا نيابة عنهم بالشكل الصحيح، وبالتالي فإن الحاجة ملحة إلى مثل هذه الدورات.
كما أقترح على سموه أن تشكل لجنة مرجعية لمتابعة أوضاعهم بعد الزواج لتذليل الصعوبات وحل الخلافات التي قد تطرأ بين الزوجين، فكما هو معلوم أن الكثير من الأزواج في كل المجتمعات وكل الأحوال قد يحدث بينهما إشكالات تبدأ خفيفة وإن لم تجد ناصحاً خبيراً تنامت حتى يتنافر الزوجان فلا يجدا أمامهما سوى الافتراق حلاً لمشكلتهما، وقد كانت الحلول الأفضل متاحة لو وجد من يعنى بالسماع لهما وتوجيه النصيحة الملائمة.
ولعل مما يعين على استقرار مثل هذه الزيجات وضع جائزة للزوجين الأكثر استقراراً وفق ضوابط مناسبة، فمثلاً: لو قيل إن عدداً محدد من الأسر الأكثر استقراراً وتوافقاً وتعاوناً فيما بين الزوجين ستشملهم مكرمة تعلن من قبل سموه الكريم فلعل ذلك يكون مدعاة للتسامح بين الزوجين والتعاون فيما بينهما حتى يتجاوزا مرحلة البداية ويتحقق لهما التفهم والنضج الذي يعين على تكوين أسرة متوادة متراحمة، فيكون الحفاظ على هذه الألفة هدفهم الأول والأخير.
وكما قلت آنفاً إني أجزم أن سموه الكريم حريص في الوقت ذاته على أداء معروفه بأجمل صورة ممكنة لذا فإنه بطبيعة الحال سيأمر بتشكيل لجنة فاعلة لتنظيم هذا الزواج تأخذ على عاتقها البحث عن الضوابط التي تعين على تنظيمه بالشكل الذي تطمئن إليه نفس سموه ويسعد بها المشمولون بكرمه وتدوم معها فرحتهم بإذن الله.
وقبل الختام أسأل الله تعالى لسموه الكريم ولسمو زوجته أن يبارك الله لهما ويبارك عليهما ويجمع بينهما بخير، وأن يرزقهما الذرية الطيبة التي تكون امتداداً لهذا الخير العميم، وليهنك الخير يا سمو الأمير.
كتب الله على يدي سموه ما يرفع به درجاته ويعلي منازله في الدارين، وفتح على يدي سموه أبواباً جديدة من الخير وتقبلها من سموه وزاده خيراً، ووفق أحبتنا المشمولين بمكرمة سموه بزيجاتهم وحياتهم عامة ودل كل قادر في مجتمعنا الإسلامي إلى فعل الخير وحببه إليه.والله الموفق..
- مدير عام الإدارة العامة لرعاية الأيتام و أمين عام المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام سابقاً