من يقرأ تاريخ الشعر الشعبي في منطقة (نجد) تحديداً وينتقل بذائقته منذ أكثر من مئة سنة بين منطقة سدير حيث ابن لعبون وإبراهيم ابن جعيثن ومنطقة الوشم حيث البواردي ومنطقة القصيم حيث القاضي وابن شريم، ومنطقة العارض حيث ابن دحيّم وابن صفيان وفي الحريق الهزاني وغيرهم، يجد أن الجزالة والعمق والتفرّد لم ينله أي منهم بالواسطة، أو بتلميع الضوء من القنوات الفضائية الشعبية، بل بالجدارة من منظور نقدي، وهذا ينطبق على كل شعراء مناطق المملكة العربية السعودية حاضرة وبادية، لهذا بقي هؤلاء ووصلوا إلينا بشعرهم حتى بعد انتقالهم لرحمة الله منذ عشرات السنين، بينما (مات الكثير من الأحياء في شعرهم) وهم في المجلات الشعبية والقنوات الفضائية - أكثر من الهم على القلب - وهذا الأمر ينطبق على الشعر الفصيح ففي كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني مئات من الأسماء التي تبخّر إنتاجها وتلاشى، لهذا آمل ألا يعتب الكثير من (المحبين الحقيقيين) للشعر الشعبي والغيورين عليه مما يشوبه فهو (كالذهب) الذي حتى لو صهرته النار سيبقى بعد زوال «شوائبه».
وقفة للشاعر عبدالله بن محمد الثميري رحمه الله:
أجذ الوصل عن خلٍ جفاني
وأصدّه عن هوى قلبي وأردّه
أصدّه وأحتمل من جور جوره
حمولٍ لو على ضلعٍ تهدّه
أعز النفس عن من لا يبيني
ونفسي «للجفاوي» مستعدّه
معوّدها تعاند كل مقفي
وأجازي من يصد بمثل صدّه