كنت قد وعدتكم الأسبوع الماضي أن نتحدث قليلا عن اجتياح الفن القادم من الصين للمراكز الفنية العالمية منها لندن ونيويورك وغيرها، وبالتأكيد رأيتم ذلك في مناسبات ومواقع عدة عبر الإنترنت أو خلال زياراتكم للمتاحف والمعارض خارج المملكة.
ولا شك أن للاقتصاد دوره الفاعل في أي ثقافة فهو العامل الأبرز في نشرها، وما يحدث اليوم في الصين على الجانب الاقتصادي أثر وبقوة في نشر الثقافة الصينية أو ساهم في جذب انتباه الآخرين لها، ومنها بطبيعة الحال الفنون البصرية، كتاريخ للفن وكمنتج فني، ولقد أثار هذا الاجتياح (الثقافي) المهتمين بالفن الغربي لدرجة أقامت فيها سوثبيز مؤتمرا حول هذا الموضوع في لندن قبل فترة وجيزة، وليست المملكة المتحدة أو أوروبا وحدها معنية بهذا الأمر، ولكن من خلال مشاهداتي هنا (في بوسطن، الولايات المتحدة) أجد ذات الاهتمام لا بالفن الصيني فحسب ولكن بالفنون الآسيوية بشكل عام، وسوف أضرب لكم بعض من الأمثلة:
* تقام العديد من الدورات والمؤتمرات في هذا المجال، حيث لا يخلو بريدي أسبوعيا من دعوة لمحاضرة أو ورشة أو فاعلية البعض منها مخصص للعائلة والأطفال، لا المهتمين فقط، تدور هذه الأنشطة حول الفن الآسيوي أو الثقافة اليابانية أو المنمات الآسيوية..إلخ، وربما أبرزها من وجهة نظري لا لأهمية الموضوع، ولكن الفئة المستهدفة والجهة المنظمة، والتي تعد من أهم الجامعات المتخصصة في التكنولوجيا، كان نشاط سبلاش(Splash) الذي يقيمه معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) سنويا لنهاية أسبوع واحدة كأحد البرامج الموجهة لطلاب التعليم العام، يبدأ من التاسعة صباحا إلى الثامنة مساء وهو مخصص لطلاب الصف السابع «الأول متوسط» إلى الصف الحادي عشر «الثاني ثانوي»، ويحوي أكثر من أربعين ورشة في العمارة والهندسة والرياضيات وغيرها، وما يهمنا هنا ورش الفنون التي كان لتلك الآسيوية منها نصيب الأسد، مثل تاريخ الفن الصيني وفن الكتابة الصينية...إلخ.
* تم الإعلان هنا في بوسطن من خلال عدد من الجهات أن هذا العام يشهد مرور 1000 سنة على إصدار كتاب الملوك «الشاهناماه» وهو مجموعة من الأساطير مرتبطة بملوك المنطقة في ذلك الزمان، ويعد لدى الباحثين، أحد أهم المصادر للأدب والفنون الإسلامية في جنوب وجنوب غرب آسيا.
* تقام العديد من المعارض لفنانين آسيويين أو ذات صلة بالمنطقة، كان منها ما حضرته في أسبوع واحد في جامعة هارفرد فقط، كمعرض للصور الضوئية تحت عنوان «إيران من تحت الغطاء» ومعرض للفن الآسيوي في مركز الدراسات العالمية في الجامعة، إضافة لغيرهما من المعارض والأعمال لفنانين آسيويين في قاعات عرض مختلفة في المدينة.
* تصلني من خلال الجامعة إعلانات عن عدد من المنح البحثية في كليات تاريخ الفن في الولايات المتحدة تستقطب الباحثين في هذا المجال.
* أيضا تصلني إعلانات بوجود وظائف شاغرة في كليات الفنون أو في المتاحف للمتخصصين في الفن الآسيوي للعمل في تدريس مواد متخصصة.
* أخيرا وليس آخرا، تبحث عدد من المتاحف عن متخصصين في الفن الآسيوي للعمل في تلك الأقسام في متاحفها أو التدريب أو العمل التطوعي.
هذا كله شهدته فقط في مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس... هل يعطيكم هذا تصورا كافيا عن وضع الفن الآسيوي في العالم؟