إن الإبداع الصحفي له مقومات أساسية ومن أهمها الموهبة التي تحتاج إلى صقل من خلال القراءة والاطلاع والنقد والتخصص الأكاديمي وحضور الدورات التدريبية التي تهتم بالشأن الصحفي، هذه الأمور هي التي توفر المناخ المناسب للإبداع والتي يصحبها روح المبادرة في التواصل مع الصحف لنشر المقالة والتي عادة تجد القبول من المسؤولين عن هذه الصحف طالما عناصر ومواصفات المقالة متوفرة فيها، ولو عرجنا على الكثير ممن عشقوا الكتابة الصحفية نجدهم انتهجوا هذا النهج وأصبحوا من الكتّاب الذين تتسابق إليهم الصحف للظفر بكتاباتهم من خلال تدرجهم في منظومة العمل الصحفي والتي تحددها وتتحكم فيها نوعية المقالة والتي يفرضها العمل الصحفي بالجريدة، فلهذا الكاتب عندما يرسل مقالته للجريدة يجب أن يكون اهتمامه أن تكون مقالته قابلة للنشر وليس المهم أن تنشر في زاوية أو صفحة بعينها وهذا الذي اتبعه الكثير من الصحفيين ولا سيما جيل الصحافة العربية في الأربعينيات والخمسينيات الميلادية وقدّموا أعمالاً إبداعية تتوافر فيها جميع مقومات الإبداع الصحفي الموهبة والمبادرة وفنون اللغة وآدابها والثقافة والمثابرة والتواضع والوطنية وهموم الأمة والنقد الهادف ونكران الذات، وكان مقابل ذلك فرض أعمالهم على القارئ العربي الذي يتابعها بشغف لأن الإبداع حاضر في كل مقالة يكتبها هؤلاء الصحفيون على الرغم عدم وجود التقنية كما هو الحاصل الآن، حيث أصبح العمل الصحفي احترافياً وأكاديمياً من خلال وجود أقسام للجامعات تدرّس هذا التخصص بالإضافة إلى الدورات المستمرة التي تنظّم من بعض الأكاديميات والمؤسسات الصحفية في الوطن العربي والتي أسهمت إلى حد كبير في أن يكون الإبداع الصحفي في أعلى درجاته، كذلك يجب أن لا ننسى التطور الذي شهدته الصحافة العربية سواء كانت صحافة أفراد أو مؤسسات من خلال البنى التحتية التي وفرتها في أورقة الجريدة سواء بالنسبة للكوادر المتخصصة وأصحاب الخبرات والأمور الفنية من تقنية ومطابع ووجودها على الخريطة العنكوبتية (الإنترنت) كل هذه الأمور تصب في خدمة الإبداع الصحفي. وفي ختام مقالتي هذه أحب أن أنبّه إلى أن الإبداع الصحفي لن يأتي في يوم وليلة وخصوصاً في صفوف الكتّاب الذين لديهم ميول صحفية ويريدون أن يكون لهم حضور إبداعي في أروقة الصحف ولا سيما الشباب، فالأكاديمي عليه بعد تخرّجه من قسم الإعلام أن يطوّر نفسه باستمرار من خلال الدورات والمنتديات والدورات الصحفية التي تُقام هنا وهناك، كذلك يجب عليه أن لا يحصر اهتماماته على الكتابة فقط، بل بإمكانه أن يقدّم اقتراحاته وأفكاره للمسؤولين في الجريدة من خلال المبادرة ولا ينتظر أن تطلب منه، أيضاً من الأمور التي تسهم في جودة الإبداع الصحفي الإيمان بأخلاقية المهنة ولا يكون تحت تأثير إملاءات لأنه ينطلق من ضميره الذي يجب أن يصب في ضمير الأمة، كذلك يجب أن تكون القراءة الجادة ملازمة له في كل يوم من حياته لأن القراءة هي رافد أساسي للإبداع، وقبل هذا وذاك عليه تقبل النقد من خلال ردود الفعل على مقالته سواء كانت سلباً أو إيجاباً لأن النقد الهادف والبناء يصب في الإبداع الصحفي وقد أجمع الكثير من الصحفيين أن المقالة التي لا تولد نقداً هي مقالة عقيمة.
مكتب التربية العربي لدول الخليج