وصلت نسائم رياح التغيير في المنطقة العربية إلى البيت الأبيض، وجعلت الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعلن انحيازه وبلاده لهذا التغيير ومواكبة رياحه، وإن لم يطل ذلك العلاقة الخاصة بإسرائيل.
أوباما خصص خطابه عن التغييرات التي هبت على المنطقة العربية، وإن لم يشأ أن يسميها باسمها (المنطقة العربية)، واستعمل مصطلح الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أنه حرص على أن يكون خطابه موجَّهاً من مبنى وزارة الخارجية لإعطاء إيماءة بأن الذي حصل في بلاد العرب هو إنجاز للدبلوماسية الأمريكية التي أفلحت جهودها في الترويج للقيم الأمريكية التي كانت عناوين وشعارات مَنْ أشعلوا حركات التغيير في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، بالرغم من غياب أمريكا وعدم مشاركتها في الأحداث؛ فلم تكن الدبابة الأمريكية حاضرة مثلما حصل في العراق، ولم يجرِ تجنيد عملاء أو يتم تصنيع زعماء؛ ليحكموا بدلاً من أمريكا، إنما شباب انتفض، ونزع الخوف، وواجه الدكتاتورية والفساد؛ ليجبروا الحكام الفاسدين على تسليم السلطة والرحيل.
البداية كانت من تونس، مروراً بمصر، وصولاً إلى ليبيا واليمن وسوريا.
أوباما لم يرد أن تكون بلاده بعيدة عما يجري في بلاد العرب، وأراد من خلال الخطاب أن يُظهر وقوف أمريكا إلى جانب المطالبين بالتغيير، وأن يركب هو وبلاده موجة التغيير، مثله مثل أحزاب وشخصيات سياسية في البلدان التي شهدت عملية التحوُّل.
ففي مصر وتونس، وحتى في ليبيا واليمن، سارعت أحزاب وشخصيات سياسية إلى التحول والقفز من سفينة السلطة الراحلة إلى سفينة السلطة القادمة، وبعضهم يخطط لأن يرأس الدولة المتغيرة، وبعضهم شكَّل أحزاباً؛ ليكون له نصيب من كعكة الحُكْم القادمة!
أوباما لا يريد لأمريكا أن تتخلف عن عملية التغيير، خاصة أنه يقول إن التغيير والتبشير بقيم الديمقراطية من فعل أمريكي، وإنه وبلاده لا بد أن يدعموا هذا التغيير، وأن يظهروا بأنهم ضمن معسكر التغيير، حتى وإن ابتعد شباب التغيير في تونس ومصر واليمن عن الأمريكيين خوفاً من شبهة العمالة والتبعية.
خطاب أوباما يتوافق تماماً مع القيم الأمريكية، وفي الوقت نفسه يعزز المصالح الأمريكية التي لا يمكن أن تترسخ دون أن تكون هناك مواكبة ومقاربة لرغبات الشعوب التي حققتها بجهودها دون أن يكون للآخرين فضلٌ في ذلك؛ ولهذا لا يريدون أن يكونوا بعيدين عما حدث من تغيير وما سيحدث في قادم الأيام.