كنت أقلب ورقات التقويم المكتبي لتحديد موعد إجازتي السنوية، فإذا عيني تقع على هذا التاريخ 27 رجب، فدمعت لذكرى الحبيب الغالي أبي مرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن سليمان بن عبدالرحمن المطرودين وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون الأوقاف رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، الذي رحل عنا في مثل هذا اليوم من عام 1431هـ، وكان لخبر وفاته وقع وأثر كبير في نفوس كل محبيه.وهنا أجد أنه لزام علي أن أكتب كلمات متواضعة في حقه، كيف لا وأنا أحد الموظفين الذين بدأوا أولى خطوات حياتهم الوظيفية تحت إدارته وقيادته الحكيمة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تلك القيادة المتميزة بفنون الإدارة الحديثة والراقية والباحثة عن الجديد والتجديد فيها، حباً وإخلاصا بأداء مهام ومسؤوليات الوظيفة الملقاة على عاتقه.رغم الفراق إلا أنه يمر أمام ناظري تلك الصفات الكريمة التي كان يعاملنا بها وتعلمناها منه ومنها الجد في العمل والإصرار على النجاح وإنجاز المهام المطلوبة بأعلى درجات الدقة والإتقان، وعدم الاستسلام للشدائد، التي علمنا أنها تزول بالعزيمة الصادقة ونظرته الثاقبة لتسلسل الأعمال وتدرجها حتى تكبر وتكتمل بحسن الأداء والإقدام والجراءة دون تردد أو تراجع.فقد كان رحمه الله يرتكز على إنجازات الماضي، ويستشرف المستقبل بالتغيير والتطوير والتجديد، لإيمانه أن ما كان يصلح بالأمس لا يصلح لليوم إلا بثوب اليوم والمستقبل الذي ينتظره الجميع.كان حلمه وكرمه وأخلاقه وتواضعه وحسن تواصله مع الآخرين رحمه الله بوابة لكسب ثقتهم بعد أ ن كسب الثقة في نفسه وقدراته، ففاز باحترام الجميع وتقدير المسؤولين والعاملين معه، وفرض سلطته عليهم بالحب المتبادل فكان ذلك دافعاً للعطاء والإنجاز واستقطاب الكفاءات للعمل معه، فقد أشعر الجميع بأن لهم دور إيجابي وفعال من مواقعهم الوظيفية مهما كان حجمها، مما كان حافزاً لهم على حسن الأداء وروح المبادرة.نعيش ذكراك يا أبا مرام، وإن كان الألم يعتصرنا والحزن يلازمنا، ولكن بعيداً عن البكاء أو التخاذل والكسل، بل هي ذكرى حب ووفاء لك، لتكون ابتسامتك المعهودة وكلماتك الصادقة لنا شمعة تضيء لنا الطريق لنسير فيه دون اعوجاج وانحراف عن الهدف الطموح الذي ارتأيته ورسمت صورته الجميلة في أفق النجاح والتفوق والإبداع.أسأل الله العلي القدير أيتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يجعل ما قدمه من خير شاهداً له وشفيعاً له وأن يجعله ممن يأخذ كتابه بيمينه وممن يردون الحوض المورود وأن يعلي منازله في الجنة وأن يجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء، إنه عز وجل سميع مجيب الدعاء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سليمان بن صالح المطرودي